قواعدها جاءت شاملة لكل أنماط التعبير وصوره. ومضمون هذا الكلام أن هؤلاء القوم ينكرون التطور ودوره في السلوك اللغوي، أو أنهم يعترفون بوقوعه ولكنه في نظرهم يقع في مجال الخطأ والصواب وربما يمثل هذا الاتجاه واحد من رجالات العربية المشتغلين بقضايا "الصواب والخطأ" في اللغة، حين يقول:"تجري العربية على قوانين ومقاييس يعد الانحراف عنها خطأ ولحنا فيها. وكذلك مفرداتها وصيغها ومعانيها يجب الاحتفاظ بما ورد فيها عن العرب. ولا ينبغي أن نتجاوزه إلا بالمجاز أو الاشتقاق في حدود ما رسم جهابذة اللغة"١.
أما موقفنا نحن إزاء هذه القضية في هذا البحث وما شاكله فيتلخص في خط تفكيري ذي مرحلتين منفصلتين. نقوم في الأولى بتسجيل الظاهرة وتحليلها بالصورة التي تبدو عليها، ثم نتبع ذلك في المرحلة الثانية بتقويم ما نلاحظه ونبدي رأينا فيه من حيث الصواب والخطأ وفقا لمبادئ محددة. ونحن في ذلك لا نخلط بين منهجين، وإنما نفيد منهما معا، وبخاصة في هذه الآونة بالذات التي تحتاج العربية فيها إلى إبداء الرأي وتقديم المشورة، دون الاكتفاء بمجرد التشخيص النظري البحث. على أنه من سوء التقدير ألا نستغل نتائج الدرس الواصف وألا نحاول تطبيقها والأخذ بها بحسب الظرف المعين، كما أنه من الخطأ أن نفرض معايير أو مقاييس لغوية غير مستندة إلى واقع لغوي حقيقي.
وفي رأينا أن الحكم على الظاهرة المعينة من حيث الصواب والخطأ ينبغي أن يبنى على الأسس الثلاثة الآتية:
١- استشارة القواعد التقليدية المسجلة في كتب اللغة الموثوق بها.