للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يلحق بهذه "الحروف"١، ولا توجد إلا بوجودها. وهناك في اللغة العربية من الأدلة ما يشير إلى هذه الحقيقة ويؤكدها.

أولا: يبدأ كل من الاسمين "واو" و"ياء" بالصوتين "و" و"ي" بوصفهما صامتين لا بوصفهما حركتين، تمشيا مع القاعدة المشهورة الخاصة بالأصوات العربية، وهي أن قيم هذه الأصوات يعبر عنها دائما بصدر أسمائها.

وليس لنا أن نفترض أن يكون المقصود بهذين الاسمين الواو والياء بوصفهما حركتين، وذلك للسببين الآتيين:

١- نطق صدر الاسمين "واو" و"ياء" إنما ينطبق على الواو والياء بوصفهما الأول دون الثاني، إذ جاء هذا الصدر متلوا بحركة، كما وقع في ابتداء الكلمة، وهما أمران غير جائزين بالنسبة للحركات في اللغة العربية.

٢- الحركات الطويلة "long vowels" "واوًا كانت هذه الحركات أو ياء أو ألفا" تعد في نظر العرب أصواتا ساكنة، ومن ثم -في نظرهم أيضا- لا يمكن النطق بها وحدها، أو البدء بها في النطق، ولهذا كان من الضروري دعمها بصوت متحرك، كاللام مثلا، كما حدث للألف المدية، حيث وردت في الألفباء الإملائية بالصورة "لا"، عند أولئك الذين يرون ضرورة تخصيص رمز لها٢. فعدم مجيء الواو والياء على هذا النهج ونحوه دليل قاطع على أن المراد بهذين الاسمين "على الأقل في أصل الوضع" إنما هو الواو والياء الصامتتان.


١ قد يطلق المصطلح "الحروف" أيضا على الواو والياء بوصفهما حركتين، ولكن القاعدة حينئذ: وجوب إضافة كلمة المد أو المد واللين إلى هذا المصطلح، بحيث إذا ذكر بدون هذه الإضافة انصرف في الحال إلى الأصوات الصامتة وحدها.
٢ انظر: سر صناعة الإعراب لابن جني، جـ١ ص٤٨-٤٩.

<<  <   >  >>