للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نضيف إلى وصف الهمزة عبارة أخرى هي "أنها صوت لا بالمجهور ولا بالمهموس".

وهذا الذي نقوله بالنسبة لهذا الجانب الثالث يأخذ به كثير من المحدثين الذين يتفقون معنا في وصف الهمزة بأنها صوت لا بالمجهور ولا بالمهموس١.

وهناك آخرون يرون أن الهمزة صوت "مهموس". ويعلل أحدهم الهمس بقوله: "وتأتي جهة الهمس في هذا الصوت من أن إقفال الأوتار الصوتية معه لا يسمح بوجود الجهر في النطق"٢. فهو يعدها مهموسة لعدم وجود حالة وضع الجهر. ويتفق معه في مثل هذا التعليل باحث آخر حيث يقول: ولا يمكن حال النطق بالهمزة "أن تظل الأوتار الصوتية انطباقا تاما، وهو أمر يناقض التذبذب، ومن أجل هذا نقول بأن الهمزة مهموسة، لأن الهمس يعني عدم التذبذب"٢.

وهكذا نجد أن كلا من هذين الدارسين قد عد الهمزة مهموسة لعدم التذبذب في الأوتار الصوتية أو لعدم وجود حالة الجهر. ونحن نرى أن الهمس ليس معناه عدم الجهر. أو بعبارة أدق، نحن نرى أن الهمس لا ينتج من عدم التذبذب وحده، وإنما ينتج من عدم التذبذب الذي سببه انفراج الوترين نفسيهما انفراجا يسمح بمرور النفس خلالهما. أما عدم التذبذب في حالة الهمزة فهو نتيجة للإقفال التام للوترين، وهذا في رأينا وضع آخر، لا هو بوضع حالة الجهر ولا هو بوضع حالة الهمس. ومعنى ذلك أن للأوتار الصوتية -في نظرنا- ثلاثة أوضاع رئيسية في الكلام العادي: وضع لها حالة الجهر وآخر حالة الهمس وثالث عند النطق بالهمزة العربية. ولكن يبدو أن الباحثين المذكورين اكتفيا بوضعين اثنين لهذين الوترين، وهو ما لا نأخذ به.


١ الدكتور تمام حسان: مناهج البحث في اللغة ص٩٧.
٢ الدكتور عبد الرحمن أيوب: أصوات اللغة ص١٨٤، ط٢.

<<  <   >  >>