للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٨- الصوت الكلامي ١:

أ- يمكن أن نستنتج من وصفنا لجهاز النطق الإنساني أنه قادر على إحداث عدد كبير جدا من الأصوات الكلامية، ولكنا نستطيع أن نستنتج كذلك من الملاحظة السريعة غير الدقيقة للغات المختلفة أن كل لغة لا تصطنع إلا عددا محدودا من الأصوات، فنحن في العربية لا نستعمل جميع الأصوات التي يمكن أن يحدثها جهاز نطقنا.

ويجب على دارس الأصوات اللغوية، أو علم اللغة بوجه عام، أن تتوافر له القدرة على وصف جميع الأصوات الكلامية الخاصة بأي لغة من اللغات. وكي يؤدي هذا فعليه أن يصطنع منهجا ما لتصنيف الأصوات. من الممكن أن تصنف الأصوات حسب تأثيرها السمعي، أي حسب خواصها السمعية، فنصنفها حسب، "ارتفاعها"، أو "انخفاضها"، أو حسب صفاتها الموسيقية. ووصف التأثير السمعي للأصوات ينتهي بنا إلى أن نطلق عليها أوصافا مثل "لينة" و"خشنة"، و"عذبة" ... إلخ، ولكن هذه الألفاظ لا تتصف بالدقة العلمية الواجبة في مثل هذه الدارسة ولن تفيدنا كثيرا في دراستنا اللغوية.

استعملنا مصطلح "الصوت الكلامي" وجمعه "الأصوات الكلامية" دون أن نعرف طبيعته، ويحسن بنا قبل أن نتقدم إلى الحديث عن تصنيف الأصوات على أسس علمية دقيقة، أن نتعرف طبيعة الصوت الكلامي.

ب- يكاد يتكون كل نطق أو كل "سلسلة كلامية" من عدد كبير من عناصر صغيرة لا يتشابه اثنان معها. وهذا واضح من الآثار الصوتية التي تسجلها للأصوات بعض الآلات كالأسيلوجراف وأسطوانات الجراموفون. فمن النادر جدا أن نجد قطعا من "سلسلة كلامية" يتماثل الصوت فيها طبيعة، وشدة، ودرجة، أي


١ Speech - Sound
وقد اعتمدنا في التعريف بالصوت الكلامي على رأي الأستاذ دانيال جونز
Daniel Jones The Phoneme pp ١-٣.

<<  <   >  >>