للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٤- توصيل الكلام أو المضمون المنطقي والمضمون النفسي:

١- كل منا يصدر في كلامه عن عالم خاص به، فكل تجاربه وحياته: قد تتقارب تجارب اثنين وحياتهما. ولكن التطابق التام في جملة التجارب وتفصيلات الحياة أمر مستحيل. ولذلك لا يتعلم شخصان نفس الكلمة في نفس الظروف تماما، وفي نفس الوقت، قد "يسمعانها" معا من نفس الشخص في نفس المكان، وفي أحوال مشتركة ... إلخ، ولكن "استجابة" هذا نحو الكلمة الجديدة لا تكون مطابقة لاستجابة ذاك، نحوها، ومرجع هذا إلى أن لكليهما تكوينه النفسي، وينتج عن هذا أن فهم هذا لهذه الكلمة ستلونه إيحاءات. وظلال من المعاني، غير الإيحاءات وظلال المعاني التي تلون فهم الثاني لنفس الكلمة. وهذا هو ما يعنيه هرمان بول١ بقوله: إن كل خلق لغوي -وكل إعادة للخلق اللغوي- هو من عمل الفرد وأنه ليظل من عمل الفرد.

ولكن على الرغم من هذا فإن عمليات "التوصيل" تتكرر وتتكرر في ظروف متشابهة، وينتج عن تكرارها أن يتقارب فكر الجماعة الكلامية لهذه الكلمة أو لتلك العبارة.

إن لكل كلمة من الكلمات مضمونا منطقيا ومضمونا، أو ارتباطا، نفسيا. والمضمون "المنطقي". وهو المعنى الذي ينص عليه القاموس في الأغلب، يكون الاشتراك في فهمه واحدا أو شديد التقارب، ولكن المضمون أو الارتباط النفسي يختلف من متكلم لمتكلم اختلافا كبيرا، ولا يمنع هذا من أن يشترك جمهور المتكلمين باللغة في طائفة كبيرة من إيحاءاته ومما يرتبط به من ظلال المعاني.

نحن لا نستعمل الكلمة بمعناها المنطقي مفصولا عن مضمونها النفسي، ولا بهذا مفصولا عن ذاك، إن الكلمة عندما تصدر عنا، أو عندما تصل إلى أسماعنا،


١ Hermann Paul.

<<  <   >  >>