للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الباب الخامس: تاريخ الدراسات اللغوية]

[العصور القديمة]

...

١- العصور القديمة:

أ- قبل عصر النحاة:

١- إن النظر في اللغة قديم جدا قد يرجع إلى وقت أن أخذت الجماعات البشرية في الكلام ثم دق نسبيا بعد نشأة الكتابة، ولكن الدراسة "العلمية" حقا للغة جد حديثة، وتصورات البشر عن اللغة آخذه من نوع مجتمعهم، وتراثهم الثقافي، وخاصة من دينهم، فالإله تحوت عند قدماء المصريين كان قلب "رع" ولسانه، وعن طريقه نطقت وصية الله في الأرض فوجدت الخليفة. واليونان كذلك قد تخيلوا خلقا للغة والكتابة، وكذلك الحال عند الهنود وعند غيرهم من الأمم القديمة.

شغل القدماء بالبحث في نشوء اللغة، وفي تعدد اللغات واختلافها، ونجد شواهد على ذلك في "سفر التكوين"، فالإنسان الأول قد اخترع أسماء للحيوان، وقصة بابل تفسر تعدد اللغات.

٢- ثم إن اختراع الكتابة، التي تمثل الكلام بأي صورة من الصور، يعتبر نوعا هاما من أنواع النظر في اللغة، وهذا الاختراع حدث هام في تاريخ البشرية: إن هذا الاختراع، مع اختلافات كتابات الجماعات المختلفة، قد دفع بالدراسات اللغوية خطوة كبيرة إلى الإمام، وذلك لأن تمثيل الكلمات الملفوظة برموز كتابية ينطوي على إدراك ماهية المقطع، وذلك في الكتابة المقطعية، وماهية "الصوت" وذلك في الكتابة الألف بائية، وماهية "الكلمة": إنه ينطوي على تجريدها من سلسلة الكلام المنطوق، وينطوي على تحليل هذه السلسلة١.


١ الكتابة الهيروغليفية تعبر عن الكلمات برموز ولكنها لا تعطي أي فكرة عن النطق. والكتابة المقطعية Syl - labic تحمل الكلمة إلى مجموعات أكبر من الأصوات وتعبر بعلامة واحدة على مجموعة من الأصوات كالكتابة المسمارية.
أما "الكتابة الألف بائية" أو الأبجدية، وهي أرقى تطورا من الكتابات السابقة، فقد جردت أصواتا أولية تتكون منها اللغة التي تمثلها، وهي تحاول أن ترمز إلى كل صوت من هذه الأصوات الأولية برمز كتابي واحد.

<<  <   >  >>