للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ب- القرن التاسع عشر:

دراسة اللغات الهندو - أوروبية واللغات الرومانية:

١- إن مطالع النظرة الحديثة إلى اللغة ودراستها تبدأ في القرن التاسع عشر. وهي مدينة إلى حد كبير بما كان قبل هذا القرن "من عصر النهضة إلى أوائل القرن التاسع عشر"، من جهود، هيأت لها سبل التقدم.

فقد كثرت أمم الأرض التي سيطر عليها الغربيون أو احتكوا بها والتي أوفدوا إليها إرسالياتهم الدينية وسفراءهم السياسيين، وكان لهذه الإرساليات ولبعض الأفراد فضل كبير في التعرف على لغة جديدة في جمعها، وإبداء ملاحظات عنها، وكتابة أنحائها، ووضع معاجم لها ... إلخ، ثم كان ما ذكرناه من كشف السنسكريتية وما كان لهذا الكشف من أثر.

٢- لقد أخذ "علم اللغة" الحديث في الظهور في مطلع القرن التاسع عشر في صورة "نحو تاريخي مقارن"، واستمر على هذه الصورة زمانا.

وقد أدى هذا إلى الكشف عن الخصائص الأساسية للغات الرئيسية في العالم، وإلى دراسة لغات كثيرة وإلى الوصول إلى ما بينها من "نسب".

إن القرن التاسع عشر في تاريخ الدراسات اللغوية هو قرن دراسة اللغات الهندو - أوروبية واللغات الرومانية.

هذه الدراسات المقارنة قدمت معلومات كثيرة عن التغيرات التي تطرأ على الكلام الإنساني بحيث أمكن الوصول إلى الأصول العامة التي تسير عليها هذه التغيرات. نعم كانت هناك من قبل تأملات تتعلق بطريقة التغيرات اللغوية، ولكنها كانت "تأملات". أي لم تكن مبنية على أساس علمي، ولكن في أواخر القرن التاسع عشر حلت محل هذه التأملات نتائج قائمة على الاستدلال العلمي.

٣- ولكن قبل أن نعرف بالنشاط اللغوي في القرن التاسع عشر يجدر بنا أن نشير إلى بعض الأفكار والتصورات العامة التي كان لها تأثير في مناهج أكثر لغويي ذلك العصر، وفي نتائج دراساتهم.

إن القرن التاسع عشر هو قرن النزعة التطورية والعلوم الطبيعية، وهو فترة عظيمة من فترات "التأريخ للظواهر"١ المختلفة في الدراسات


١ Historiography.

<<  <   >  >>