أظن أن هذه العجالة في التعريف بعلم الأصوات اللغوية قد أوضحت مدى تخلفنا عن القدرة على النهوض بدراسات لغوية على أسس من التفهم الحديث للغة ولمناهج دراستها ووسائلها. فلا شك أننا نستطيع أن نكتب نحوا للعربية على الأصول الحديثة دون أن ندرس علم اللغة العام، ومن مباحثه علم الأصوات اللغوية. ولن نستطيع أن ندرس اللهجات العربية الحية، ولا أن نقارن بينها وبين تلك اللهجات القديمة التي روي عنها نتف في بعض الأصول العربية، دون أساس من علم اللغة العام، ومن علم الأصوات اللغوية.
ولا شك أن المحاولات التربوية لتبسيط النحو أو لإصلاح الكتابة، أو لغير ذلك مما ليس وصفا علميا للغة إنما هو استفادة من نتائج الوصف العلمي، ولا شك أن هذا نفسه لن يتيسر دون أن نأخذ بالقسط اللازم من هذا العلم.
والقراءات القرآنية نفسها يتيسر لدارس الأصوات اللغوية كتابتها بصورة أدق، وتبيان ما بينها من وجوه الخلاف، وتسجيل تلاوتها تسجيلا صوتيا، بحيث يكون تعلمها أبسط وأيسر من أخذها عن طريق كتب التجويد.
ونشرع الآن في عرض أهم مسائل علم الأصوات اللغوية عرضا فيه شيء من تفصيل.