للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[علم اللغة في الشرق الأدبي]

...

٢- علم اللغة في الشرق العربي:

هذه هي الحال في البلاد التي جاهدت في سبيل إنشاء هذه الدراسة وتنميتها، والتي أنفقت في ذلك جهدا أي جهد، فما الحال في بلادنا الناطقة بالعربية؟.

أ- إن هذه الدراسة في البلاد الناطقة بالعربية لا تزال غريبة على جمهور المتخصصين في المسائل اللغوية، والمنقطعين لها، والمنصرفين إليها. فهم قد يفهمون من دراسة اللغة، دراسة النحو، والصرف أو الاشتقاق ومعرفة الشوارد النادرة، وحوشي الكلام، وتمييز الفصيح من غير الفصيح ومعرفة معاني الكلمات، وتمييز الدخيل من الأصيل، أو الاشتغال بتأليف المعجمات أو غير ذلك مما لا تدعو حاجة إلى استقصائه.

١- وليس شيء من هذا ولا هذا كله، يكوِّن ما تعارف المحدثون في أوروبا وأمريكا وروسيا على تسميته "علم اللغة". من حيث هو علم يرشدنا إلى مناهج سليمة لدراسة أي ظاهرة لغوية، وهو يهدينا إلى مجموعة من المبادئ والأصول متكاملة مترابطة عن اللغة وحقيقتها ينبغي أن تكون في ذهن الباحث اللغوي على الدوام أيا كان موضوع بحثه، إن "علم اللغة" هو وجهة النظر الجديدة، أو "الفلسفة" الجديدة، التي حلت محل وجهات النظر القديمة، و"الفلسفات" اللغوية السابقة. و"علم اللغة" قد تجنب أخطاء جوهرية في "الفلسفات" اللغوية القديمة، وقد قدم مبادئ لم يعد شك في أنها أكمل وأشمل وأصدق وأضبط، واعتمد على وسائل وآلات أدق مرات ومرات من وسائل الأقدمين وآلاتهم.

إن "علم اللغة" الحديث، بالنسبة إلى الفهم اللغوي القديم، كعلم الطبيعة أو الكيمياء أو الفلك أو الرياضيات بالقياس إلى نظائرها عند اليونان مثلا. ولكن العجيب في الأمر أننا في درسنا وتدريسنا الطبيعة والكيمياء والفلك والرياضيات لا نجد غضاضة أو غرابة في أن ندرسها وندرِّسها كما هي عليه في أحدث صورها. أما ما كان عند القدماء من ذلك فنحن نعرض له في تواريخ تلك العلوم، أو بغية

<<  <   >  >>