للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جـ- الدراسة اللغوية المقارنة:

١- رأينا أن الدراسة الوصفية للغة محدودة بفترة معينة من تاريخ لغة معينة مستعملة في بيئة معينة، وأن الدراسة التاريخية حركية تطورية تظهرنا على ما يمر به تاريخ لغة ما من تغير. ولكن هذين النوعين من الدراسة لا يفسران الظواهر اللغوية جميعا، فثمة ظواهر لغوية تحتاج إلى منهج خاص، فالتطور اللغوي يظهرنا على أن هذه اللغة أو تلك تنشعب إلى لهجات متعددة، ثم ترتقي إحدى هذه اللهجات أو بعضها إلى مستوى اللغة الأدبية الفصحى، وقد تلحق هذه اللهجات واللغات تطورات وتغيرات كثيرة تبعدها عن أصولها. لا الدارسة الوصفية وحدها تصلح لتفسير هذه الظواهر، ولا تصلح لتفسيرها الدراسة التاريخية وحدها، إن الذي يستخدمه اللغوي في هذه الحال هو "المنهج المقارن"١. ولقد كانت "الدراسة اللغوية المقارنة" هي الشغل الشاغل في القرن التاسع عشر للغويين جميعا، وكانت تسمى "فقه اللغة المقارن"٢ "انظر الكلام على هذا الموضوع في الباب الخامس: تاريخ الدراسات اللغوية".

٢- إن المنهج المقارن يطبق على مجموعات معينة من اللغات، إنه يطبق على مجموعة اللغات المنتسبة إلى أصل واحد بعيد ثم خضعت في تاريخها الطويل لتطورات طويلة منفصلة.

وعندما يوفق اللغوي إلى أن يجمع السمات "= الخصائص" المشتركة بين أمثال هذه المجموعة من اللغات يتمكن من أن ينشئ "النحو المقارن"٣ لهذه المجموعة. إن النحو المقارن يهيئ السبيل لتصنيف اللغات حسب خصائصها، ولتجميعها في "عائلات". فبمقارنة "الأصوات" و"الأشكال" المستعملة في مجموعة من اللغات تظهر الأصوات والأشكال التي استحدثتها هذه اللغة أو تلك، كما تتحدد الأصوات والأشكال القديمة التي احتفظت بها هذه أو تلك.


١ Comparative Method.
٢ Comparative Philogy.
٣ Comparative Grammar.

<<  <   >  >>