٢- ولقد أسس في مصر سنة ... مجمع للغة العربية جعل من أغراضه:
"أن يحافظ على سلامة اللغة العربية، وجعلها وافية بمطالب العلوم والفنون ملائمة لحاجات الحياة في هذا العصر ... "١، و"أن يستبدل بالكلمات العامية والأعجمية التي لم تعرب غيرها من الألفاظ العربية ... "١، وأن يقوم "بوضع معجمات صغيرة لمصطلحات العلوم والفنون وغيرها تنشر تدريجيا، وبوضع معجم واسع، يجمع شوارد اللغة العربية وغريبها، ويبين أطوار كلماتها، كما ينشر تفاسير وقوائم لكلمات وأساليب فاسدة يجب تجنبها"١، وأن يقوم ببحث علمي للهجات العربية الحديثة بمصر وغيرها من البلاد العربية١.
ولقد أنفق المجمع منذ إنشائه حتى الآن جهدا كبيرا في تحقيق الغرض الثاني من هذ الأغراض، وقد ركب في هذا متن الشطط والغلو والإفراط في بعض الأحيان. كما شغل بموضوع الخط العربي ووسائل إصلاحه، وقطع شوطا في إعداد المعاجم التي أشار إليها. "الوسيط و ... ".
رسم المجمع لنفسه هذه الأغراض السابقة، وهي كلها، فيما عدا دراسة اللهجات، ووضع المعاجم، أغراض عملية. وكلا النوعين لا يتأتى الوفاء به على وجهه الصحيح دون الاستعانة بالحقائق والأصول العامة التي يقدمها "علم اللغة". ولو كانت دراستنا للغة، من حيث هي لغة حية ومتقدمه لكان للمجمع أن يجد الوسائل مهيأة لتحقيق معظم أغراضه العملية، ولكن دراستنا للغة جامدة متخلفة، فالوسائل التي يستعين بها المجمع في معظم الأحوال وسائل جامدة قاصرة، إنها أدوات غير مغنية في عصرنا الغناء الكافي. ولذلك نرى أن مما يعين المجمع اللغوي على تحقيق أغراضه، أن يعمل، أو يعين أولا على نشر، "علم اللغة" بالعربية، وعلى تبسيطه وتقريبه حتى تتضح السبل وتدق وتسلس أمام المفكرين في المحافظة على "سلامة العربية"، وفي تحقيق سائر أغراض المجمع.
٣- أما العناية بعلم اللغة وبالدراسات اللغوية الحديثة في الجامعات العربية فهي عناية ضئيلة.
ومن مظاهرها ما قام به بعض المستشرقين الذين قاموا بالتدريس في كلية الآداب بجامعة القاهرة. وقد نشأ عن ذلك خلط بين علم اللغة وبين ما يسمونه "فقه اللغة" مريدين به في الأغلب دراسة العلاقات التاريخية بين العربية وبين سائر اللغات السامية، أو دراسة المفردات على أساس تاريخي أو ما قارب ذلك. وقد
١ انظر مجلة مجمع فؤاد الأول للغة العربية ج١، أكتوبر سنة ١٩٣٤ ص٢٢.