للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلى أن يأتي الخليل بن أحمد الفراهيدي، وللخليل شأن جليل في كثير من جوانب الدراسات اللغوية.

فقد استخرج أوزان الشعر العربي وأحكام قوافيه، وخطا بالمحاولات النحوية والصرفية السابقة خطوات كبارا يبدو أثرها في كتاب تلميذه سيبويه، ووضع -أو الأرجح أنه أوحى بطريقة وضع- أول معجم شامل لمفردات العربية وهو المعروف بـ"العين".

وقد شارك الخليل في وصف أصوات اللغة العربية، وأتى تلميذه سيبويه بوصف لها أدق من وصفه وأكمل انظر تعريفنا بالآراء الصوتية عند العرب.

٣- ثم كان كتاب سيبويه أقدم كتاب وصل إلينا في النحو العربي، والذي اتخذ أساسا لمن وليه من دراسات نحوية. وقد تعددت مدارس النحو ومذاهبه في البلاد العربية والإسلامية المختلفة وفي العصور المختلفة في العراق ومصر، وشمال إفريقيا، والأندلس، وفارس ...

وكثرت المتون النحوية النثرية، والشعرية "كألفية ابن مالك" وظهرت الشروح على هذه المتون، والحواشي على الشروح حتى قيل إنه لم ينضج علم من العلوم العربية كما نضج النحو. وقد ساد النحو في العصور المتأخرة الجفاف نتيجة لغلبة التفكير المنطقي عليه.

والنحو العربي في مراحله الأولى، متأثر شيئا من التأثير بمنطق أرسطو الذي تأثر به سوى النحو من ألوان النظر اللغوي١.


١ انظر بحث الأستاذ الدكتور إبراهيم بيومي مدكور الذي ألقاه في مؤتمر مجمع فؤاد الأول للغة العربية سنة ١٩٤٨ بعنوان: "منطق أرسطو والنحو العربي".
قال الأستاذ مدكور إن المنطق الأرسطي أثر في النحو العربي من جانبين "أحدهما موضوعي، والآخر منهجي، فتأثر النحو العربي عن قرب أو عن بعد بما ورد على لسان أرسطو في كتبه المنطقية من قواعد نحوية، وأريد بالقياس النحوي أن يحدد ويوضع على نحو ما حدده القياس المنطقي".
انظر تفصيلات أخرى في كتاب الأستاذ الدكتور إبراهيم أنيس: من أسرار اللغة ص٦٢-٦٤.

<<  <   >  >>