وللإصلاحات الكثيرة التي أدخلوها عليها، وذلك كالإصلاح المنسوب إلى أبي الأسود الدؤلي والخاص بوضع نقط تمثل الحركات القصيرة والتنوين، وكان ذلك قبل وضع "النحو" العربي، وكالإصلاحات التي تلت هذا والتي أضافت إلى الكتابة العربية علامات لخصائص صوتية أخرى.
٢- وفي مقدمة كتاب "العين" للخليل بن أحمد، على خلاف في نسبته إليه، وإن كنا نرجح أن المقدمة من وضعه أو من إيحائه، تصنيف للأصوات العربية حسب موضع النطق. أحس الخليل أنه لا بد، كي يضع معجما جامعا لمفردات اللغة العربية، أن يرتب مواده على أساس معين. وقد اختار ترتيب المواد على أساس "الحروف" التي تتكون منها، واختار أن ترتب "الحروف" على أساس مخارجها، فبدأ من أقصاها في الحلق متقدما إلى الشفتين. ومن المعروف أنه سمى معجمه "بالعين" لأنه كان يرى أن العين هو أقصى الأصوات مخرجا في الحلق، وهذا الرأي خاطئ بطبيعة الحال، فهمزة القطع أقصى مخرجا من العين، وقد أدرك هذا تلميذه سيبويه.
٣- وأيًّا ما كان فإن التصنيف المنسوب إلى الخليل لا يبلغ من الدقة والشمول ما يتسم به تصنيف سيبويه لأصوات العربية حسب "المخارج". ولم يقتصر سيبويه على هذا بل صنف الأصوات على أسس أخرى -كما ذكرنا- وأشار إلى الكثير من الخصائص الصوتية المختلفة.
أورد سيبويه تصنيفه للأصوات العربية ووصفه لها في باب الإدغام، ومن الغريب أن سيبويه، وهو من تلامذة الخليل، لم يشر في كتابه إلى تصنيف الخليل، وهذا أمر يدعو إلى التساؤل. إن تصنيف سيبويه ووصفه للأصوات العربية دقيقان كل الدقة بالنسبة إلى عصره، وقد تناقلتهما التآليف العربية من بعده، وهما يذكراننا -كما يذكرنا تصنيف الخليل- بكثير مما ورد في كتب الهند.
٤- هل أخذ العرب أصول تصنيف الأصوات ووصفها عن الهنود؟ أو هل تأثروا بهم في ذلك، ولا سيما أن ذلك قد ظهر عند العرب دفعة واحدة، وظهر عند