للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الواقع أنه ما من أبجدية من الأبجديات المعروفة تفي بتسجيل الأصوات حق الوفاء، فجلها فيه نقائص وعيوب لا تمكنه من تأدية هذه الغاية. نعم إن المبدأ الذي تقوم عليه الألف باء الصوتية، أي مبدأ "رمز واحد لكل فونيم"، أساس من الأسس التي قام عليها كثير من الأبجديات التقليدية، ولكن هذه لا تحققه تحقيقا ينهض بأغراض الدراسة اللغوية. نعم إنها تختلف فيما بينها في درجة تمثيلها الصادق للأصوات، فالكتابة الإسبانية والكتابة البولندية والبوهيمية والفنلندية خير حظا من كثير من الكتابات التقليدية، حيث شكلها، أو راجعها علماء أدركوا النظام الفونيمي للغتهم، ولكنها جميعا قاصرة، على الرغم من ذلك، عن أن تكون وسيلة عالم الأصوات اللغوية.

وإذا نظرنا إلى الكتابة العربية -وهي في هذه الناحية أحسن حظا من كثير من الكتابات- وجدناها مثلا تستعمل حرفًا واحدًا هو الواو "و" دلالة على الفونيم الأول في كلمة "وعى" -وهو يندرج تحت طبقة الصوامت١-، وللدلالة على فونيم، مخالف كل المخالفة، وهو "الصوت الصائت الطويل"٢ في كلمة مثل "يقول". كذلك حرف الياء "ي" يمثل الفونيم الأول في كلمة مثل "يسمع"، ويمثل الفونيم الأخير -وهو صوت صائت طويل- في كلمة مثل "القاضي".

وإذا انتقلنا إلى الكتابة الإنجليزية وجدنا أنها أبعد من أن تكون كتابة صوتية، إذ إنها تعطي القارئ فكرة دقيقة عن "الترتيب الصوتي"، تلك الفكرة التي يحتاج إليها دارس اللغة الإنجليزية المنطوقة.

ولما كانت الإنجليزية تستعمل في كتابتها الحروف اللاتينية، ولما كانت لغات أخرى تستعمل في كتابتها نفس الحروف، فإن الفرنسي مثلا عندما يأخذ في نطق الإنجليزية فهو ينسب إلى الحروف القيم التي تعود أن ينسبها إلى لغته، أي أنه ينسب إليها قيما غير تلك التي ينسبها إليها أصحاب اللغة، وذلك مثل "a" في gate "i" في "Find" و"u" في Tune. نعم إنه من السهل على الأجنبي أن يتعلم هذه القيم الإنجليزية في هذه الكلمات، ولكن الصعوبة تنشأ من أن هذه


١ Consonants.
٢ Long - Vowel.

<<  <   >  >>