أشرنا فيما سبق إلى قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((دع ما يريبك إلى ما لا يريبك، فإن الصدق طمأنينة، وإن الكذب ريبة)) فهذا أول جزاء للصادقين في الدنيا إنه طمأنينة القلب، وإصلاح البال والشعور بالرضا والسكينة، وهناك أمر آخر جعله الله للصادقين، هذه البركة في الرزق والبركة في العمر والبركة في الأبناء والبركة في الحياة، وهذا ما يرشد إليه قول الرسول -صلى الله عليه وسلم- في الحديث المتفق عليه عن أبي خالد حكيم بن حزام -رضي الله عنه- حيث قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((البيِّعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبيَّنا بُورك لهما في بيعهما، وإن كَتَما وكذبا مُحقت بركة بيعهما)) فانظر إلى المعاملات بين الناس لتعلم أن الصدق هو الأساس في التعامل بين البشر، مسلمهم وغير مسلمهم، وأن البيعان إذا صدقا وبيَّنا بُورك لهما في بيعهما، وليست البركة كلمة هائمة ليس لها حقيقة، وإنما هي واقع ملموس مشاهد، يُراه الفرد في واقعه وتعرف الأمم ذلك في حياتها، حين يشيع الصدق والإخلاص ترى نماءً في كل بين يديه وإشراقًا في كل ما حولك، وحين ينتشر الكذب ويغيظ معين الإخلاص يشعر الناس بوطأة الحياة، وضياع الأعمار، وذهاب الخير من نفوسهم ومما حولهم، وقال تعالى:{وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}(الأعراف: ٩٦).
وإذا كان هذا هو جزاء الصادقين في الدنيا طمأنينة في القلب، وبركة في الرزق، فإن جزاءهم عند الله في الآخرة أعظم، فإن الصدق -كما ذكرنا- يهدي الإنسان إلى طُرق الخير، وهذا الطريق الذي هو طريق الخير يؤدِّي به إلى الجنة، كما ذكرنا في قوله -صلى الله عليه وسلم-: ((عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة))، وفي كتاب الله -عز وجل- بشارات عظيمة للصادقين بما لا عينٌ ولا آذن