وسأل عمرو بن العاص -رضي الله عنه- رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قائلًا:((يا رسول، من أحب الناس إليك؟ قال: عائشة. قال: مِن الرجال؟ قال: أبوها)) رواه الترمذي. ولعلكم تذكرون ما كان من أمر عائشة -رضي الله عنها- وأنها قالت:((كنت ألعب بالبنات عند النبي -صلى الله عليه وسلم- وكان لي صواحب يلعبن معي، فكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا دخل يَنْقَمِعْن -أي: يتغيبن منه- فيُسَرِّبُهن إليّ فيلعبن معي)).
وقصتها في رؤية من كانوا يلعبون في المسجد من الأحباش دليل على حسن خلق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وحسن معاشرته. تقول -رضي الله عنها-: ((لقد رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقوم على باب حجرتي، والحبشة يلعبون بحرابهم في مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسترني بردائه لكي أنظر إلى لعبهم، ثم يقوم من أجلي حتى أكون أنا التي أنصرف، فاقْدُروا قدر الجارية الحديثة السن الحريصة على اللهو)).
ومن حسن معاشرته -صلى الله عليه وسلم- ما تقرؤه في سنته عليه الصلاة والسلام، من قول عائشة:((كنت أشرب وأنا حائض ثم أناوله -أي: أناول الرسول صلى الله عليه وسلم- القدح فيضع فاه على موضع فيّ فيشرب، وأتعرق العِرْق وأنا حائض ثم أناوله النبي -صلى الله عليه وسلم- فيضع فاه على موضع فيّ)). وكم في هذا من إناس ومن رحمة ومن لطف من رسول الله -صلى الله عليه وسلم.
ولعلكم قرأتم ما كان من قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لعائشة:((إني لأعلم إذا كنت عني راضية وإذا كنت عليَّ غضبى. قالت: فقلت: من أين تعرف ذلك؟ فقال: أما إذا كنت عني راضية فإنك تقولي: لا ورب محمد، وإذا كنت غضبى قلت: لا ورب إبراهيم. قالت: قلت: أجل والله يا رسول الله، ما أهجر إلا اسمك)) صلوات الله وسلامه على رسول الله -صلى الله عليه وسلم.
وسيد الأوفياء محمد -عليه الصلاة والسلام- انظروا إليه في وفائه لخديجة -رضي الله تعالى عنها- تقول السيدة عائشة:((ما غِرت على امرأة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- كما غرت على خديجة؛ لكثرة ذكر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إياها وثنائه عليها)).