ومن صور وفائه مع زوجاته أنه -صلى الله عليه وسلم- لما نزلت عليه آية التخيير:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا}(الأحزاب: ٢٨) بدأ بعائشة وقال لها: ((إني ذاكر لك أمرًا فلا عليك ألا تعجلي حتى تستأمري أبويك)) خشية منه -صلى الله عليه وسلم- أن تختار زينة الحياة الدنيا لصغر سنها، فتخسر الخير الكثير في الدنيا والآخرة، لكنها -رضي الله تعالى عنها- كانت أحرص على خير نفسها من أبويها، فقالت للنبي -صلى الله عليه وسلم-: "أفي هذا أستأمر أبوي؟! فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة".
ثم استقرأ -عليه الصلاة والسلام- الحُجَر، أي: حجرات أمهات المؤمنين، يخبر نساءه ويقول لهن:((إن عائشة -رضي الله عنها- قالت كذا وكذا فقلن: ونحن نقول مثل ما قالت عائشة)) رضي الله عنهن كلهن.
ولنا في رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أسوة حسنة، كما قال تعالى:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا}(الأحزاب: ٢١). فأفعاله وأقواله وتقريراته وصفاته تشريع لأمته وهدي كريم، يجب على أهل الإسلام أن يلتزموا به في حياتهم؛ لتطيب حياتهم وعشرتهم لزوجاتهم، ولتحيى بيوتهم في جو من الأمان والاستقرار.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.