حفظ أجسامهم وثيابهم ومناظرهم من البلى والتعفن كل هذه القرون، فسبحان الذي لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء.
ويقال بأن الشمس إذا طلعت منع الله ضوءها من الوقوع عليهم، وكذلك وقت الغروب، فكان هذا آية من آيات الله، وتعليقًا على هذا الجزء من المشهد يقرر الله أن ذلك آية من آياته، كما يقرر أن الهداية بيده، فكما هدى هؤلاء الفتية إلى طريقه، يهدي من يشاء من عباده، ومن يضلل فلن تجد له وليًا مرشدًا.
ثم ينتقل المشهد لتصويرهم في كهفهم، بأنك لو رأيتهم ونظرت إليهم، يخيل إليك أنهم متيقظون، فقد قيل بأن عيونهم كانت مفتوحة ولم تنطبق؛ لئلا يسرع إليها البلى، فإذا بقيت ظاهرة للهواء كان أبقى لها، ولكن الإله القادر على حفظ أجسادهم وملابسهم وهيئاتهم، قادر على حفظ أعينهم وإن كانت غير مفتوحة.
وزيادة في حفظهم يقول:{وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ}(الكهف: ١٨) لئلا تؤثر الأرض في أجسامهم، وقد أضاف للمشهد صورة لكلب كان قد تبعهم، فنام في فناء الكهف كأنه على بابه كما تنام الكلاب:{بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا}(الكهف: ١٨) فقد جعل الله هذا المنظر مشهدًا لأناس نائمين أعينهم مفتوحة، وكلبهم ماد وباسط ذراعيه بمدخل الكهف؛ ليكون هذا المنظر سببًا في رد وصد كل من حاول أن يقتحم هذا المكان، ليعرف ما فيه حتى يتم الله أمره.
وينتقل المشهد إلى مشهد آخر، ويترك القرآن مساحة للمشاهدين ليتساءلوا: ماذا كان من أمر هؤلاء، الذين ضرب الله النوم عليهم فناموا على هذه الهيئة المرعبة المخيفة، هل ما زالوا إلى الآن كذلك؟ هنا يخبرنا الله عما كان من أمرهم، لقد رد