للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الله أرواحهم إليهم شأن النائم إذا استيقظ، والله يقول: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (الزمر: ٤٢).

وتصور كلمات الآيتين في هذا المشهد حالهم بعد أن قاموا من نومهم، وأنهم أخذوا يتساءلون فيما بينهم: {قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ} (الكهف: ١٩) وهنا يبدو أثر الإيمان في اهتمام أصحابه بالمفيد، وترك ما لا دليل عليه لله وحده، ولذلك قالوا: {رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ} (الكهف: ١٩) ولما استيقظوا وجدوا أنفسهم في حاجة إلى الطعام، وكان معهم بعض المال الذي حملوه معهم إلى الكهف، فطلبوا أن يذهب واحد منهم بما معه من المال: {فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا * إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا} (الكهف: ١٩، ٢٠).

وذهب هذا الذي أرسلوه ليشتري لهم طعامًا، ولكن أمره قد انكشف وأُخذ إلى الملك، فذكر له ما كان من أمرهم، وعلم هذا الرسول أن الملك قد تغير أمره، ولم يعد هو الملك الكافر، إنما هذا ملك مسلم، فذهب الملك ومعه حاشيته إلى مكان الكهف، ورأوا هؤلاء الفتية، ولما رأى هؤلاء الفتية ورآهم من معه، ألقى الله سبحانه وتعالى مرة أخرى النوم على هؤلاء الفتية، ولكن هذا النوم هذه المرة ليس كسابقه، إنما هو موتهم وقبض أرواحهم، كما يموت كل الناس، ولذلك قال ربنا: {وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ} (الكهف: ٢١) فقد اختلفوا في أمر هؤلاء الفتية، فوصل قرارهم بأن يقيموا على هؤلاء مسجدًا يكون علامة على وجودهم.

وهنا تكون قد انتهت القصة، ولكن الله يتبعها ببعض الدروس والعبر، فيذكر أقاويل الناس في عدد هؤلاء الفتية، فيقول: {سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ

<<  <   >  >>