وأيضًا إذا ما انتقلنا إلى ما رواه الإمام الترمذي سوف نجد جملة من الأحاديث، منها ما رواه الإمام الترمذي بسنده عن أبي إسحاق قال: سمعت أبا عبد الله الجدلي يقول: سألت عائشة عن خُلق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالت:((لم يكن فاحشًا ولا متفحشًا، ولا صخَّابًا في الأسواق، ولا يجزئ بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويصفح)) قال أبو عيسى الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وأبو عبد الله الجدلي: اسمه عبد الله بن عبد، ويقال: عبد الرحمن بن عبد.
أن السيدة عائشة -رضي الله تعالى عنها- قد ذكرت من صفات رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بأنه لا يجزي بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويصفح، وهذا ما ذكره أيضًا عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- في الحديث السابق حين ذكر أنه قرأ في التوراة "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يدفع السيئة بالسيئة، ولكن يعفو ويصفح"، فتحقق ما أخبر الله به في الكُتب المنزلة السابقة على القرآن مما سيكون من أمر الرسول -صلى الله عليه وسلم- فتحقق ما أخبر به ربنا في كتبه المنزلة، وأخبرت السيدة عائشة بما كان من خلق رسول الله -صلى الله عليه وسلم.
أيضًا في هذا السياق يروي الإمام أحمد بسنده عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:((أفضل الفضائل: أن تصل من قطعك، وتعطي من منعك، وتصفح عمن شتمك)) كما يروى أيضًا عن عائشة أنها قالت: ((لم يكن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فاحشًا ولا متفحشًا، ولا صخابًا في الأسواق، ولا يجزئ بالسيئة مثلها، ولكن يعفو ويصفح)) كما سبق أن ذكر ذلك الإمام الترمذي، هذا في الصفح.
أما في العفو فهناك جملة منها الأحاديث، منها ما رواه الإمام البخاري بسنده عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "قدم عُينية بن حصن بن حذيفة، فنزل على ابن أخيه الحر بن قيس وكان من النفر الذين يُدنيهم عمر، وكان القراء أصحاب مجالس عمر ومشاورتهم، كهولًا كانوا أو شبانًا، فقال عيينة لابن أخيه: يا ابن أخي