الجهاد، إنما كان يدعو الله أن يسلمهم وأن يغنمهم، ولكنه أيضًا في الجانب الآخر رأينا حرص أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومنهم أبو أمامة على أن يحظى بالشهادة، ولكن الرسول -عليه الصلاة والسلام- كان يدعو دائمًا بأن يسلم أصحابه وأن يغنمهم وأن يعودوا سالمين غانمين، فلما رأى ذلك أبو أمامة طلب من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصية فأوصاه بالصوم، وبين له أن الصوم لا عدل له ولا مثل له، ولذلك كان أبو أمامة وكانت امرأته وكان خادمه دائمًا في صيام متواصل، فكان إذا رؤي في دارهم دخانٌ بالنهار قيل: اعتراهم ضيف نزل بهم، فهذا يدل على أن هؤلاء قد تعلموا فيما ما تعلموا إكرام الضيف، وأنهم إذا نزل بهم ضيف أفطروا ليأكلوا معه وليشاركوه ولئلا يحرجوه، فنعم هذا الخلق الكريم هذا الذي تعلمه هؤلاء من رسول الله -صلى الله عليه وسلم.
أيضًا يروي الإمام البخاري عن أبي شريح العدوي قال: سمعت أذناي وأبصرت عيناي حين تكلم النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال:((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه جائزته، قالوا: وما جائزته يا رسول الله؟ قال: يوم وليلة، والضيافة ثلاثة أيام فما كان وراء ذلك فهو صدقة عليه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت))، وفي رواية أخرى عن أبي شريح الكعبي أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، جائزته يوم وليلة، والضيافة ثلاثة أيام، فما بعد ذلك فهو صدقة، ولا يحل له أن يثوي عنده حتى يحرجه)) ويروي في هذا أيضًا أبو داود عن أبي شريح الكعبي أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، جائزته يومه وليلته، الضيافة ثلاثة أيام، وما بعد ذلك فهو صدقة، ولا يحل له أن يثوي -أي: أن يقيم- عنده حتى يحرجه)).