للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَتَقُولُ: قَدْ تَقَضَّى شَبَاب الرَّجُلِ، وَأَدْبَرَ شَبَابُهُ، وَأَخْلَقَ شَبَابُهُ، وَذَوَى شَبَابُهُ، وَأَخْلَقَتْ جِدَّته، وَذَهَبَتْ طراءتُه، وَذَهَبَتْ بَلَّتْهُ، وَذَوَى عُودُهُ، وَخَوَى عَمُوده، وَاعْوَجَّتْ قَنَاتُهُ، وَتَقَوَّسَتْ قَنَاتُهُ، وَانْحَنَى صُلْبُهُ، وَانْآدَ صُلْبه، وَانْخَزَعَ مَتْنه، وَرَقَّ جِلْدُهُ، وَدَقَّ عَظْمُهُ، وَوَهَنَ عَظْمه، وَفَنِيَ شَبَابه، وَنَضَبَ مَعِين شَبَابه، وَرَثّ بُرْد شَبَابه، وَانْهَارَ جُرُف شَبَابه، وَذَهَبَتْ تَلِيَّة شَبَابه أَي بَقِيَّته.

وَقَدْ بَرَى الدَّهْر عَظْمَهُ، وَأَلانَ شِرَّته، وَنَقَضَ مِرَّته، وَأَلانَ عَرِيكَته، وَرَدَّهُ عَلَى حَافِرَتِهِ، وَعَرَكَهُ عَرْك الأَدِيم.

وَرَأَيْته شَيْخاً كَبِيراً، هَرِماً، هِمّاً، رَعِشاً، فَانِياً، مُتَهَدِّماً، قَدْ تَنَاهَتْ بِهِ السِّنّ، وَطَوَى مَرَاحِلَ الشَّبَاب، وَصَحِبَ الأَيَّامَ الْخَالِيَةَ، وَبَلَغَ سَاحِل الْحَيَاة، وَوَقَفَ عَلَى ثَنِيَّة الْوَدَاع.

وَإِنَّهُ لَشَيْخٌ يَفَن، قَدْ أَبْلاهُ تَنَاسُخ الْمَلَوَيْنِ، وَأَخْلَقَهُ تَعَاقُب الْجَدِيدَيْنِ، وَحَطَمَتْهُ السِّنّ