عَنْ حَدِيثِي، وَلَمْ يَلِجْ كَلامِي أُذُنه، وَلَمْ يَعِ مِنْهُ حَرْفاً، وَقَدْ ضَرَبَ اللَّهُ عَلَى أُذُنِهِ، وَعَلَى صِمَاخِهِ، وَكَأَنَّمَا كُنْت أُكَلِّمُ وَثَناً، وَأُكَلِّمُ حَجَراً.
فَصْلٌٌ فِي الْجِدِّ وَالْهَزْلِ
يُقَالُ: جَدّ فُلان فِي كَلامِهِ، وَفِي فِعْلِهِ، وَفَعَلَ ذَلِكَ جَاداً، وَقَدْ رَأَيْت مِنْهُ الْجِدَّ، وَعَرَفْت مِنْهُ الْجِدَّ، وَتَبَيَّنْت الْجِدّ فِي كَلامِهِ، وَتَبَيَّنْت الْجِدَّ فِي وَجْهِهِ، وَتَقُولُ: هَذَا كَلامٌ مَا أَرَدْت بِهِ إِلا الْجِدَّ، وَمَا كَلَّمْتهُ بِهِ إِلا عَلَى ظَاهِرِهِ، وَعَلَى وَجْهِهِ، وَعَلَى حَقِيقَتِهِ، وَهَذَا كَلام لا ظِلَّ عَلَيْهِ لِلْهَزْلِ، وَلا مَحْمِل فِيهِ لِلْهَزْلِ، وَلا مَوْضِع فِيهِ لِلْمَزْحِ، وَهَذَا مِنْ الأُمُورِ الْجِدِّيَّةِ.
وَيُقَالُ: أَجِدَّك تَفْعَلُ هَذَا أَيْ أَجِداً مِنْك ثُمَّ أُضِيفَ وَانْتِصَابُه عَلَى الْحَالِ أَوْ عَلَى الْمَصْدَرِ، وَتَقُولُ: فُلان مِنْ أَهْلِ الْجِدِّ، وَإِنِّي مَا عَرَفْت فِيهِ مَذْهَبَ الْهَزْلِ، وَمَا رَأَيْته يَمْزَحُ قَطُّ، وَإِنَّ فُلاناً لَكَثِير الْجِدِّ حَتَّى يَكَادَ يَخْرُجُ إِلَى الْجَفَاءِ، وَيَكَادُ يَدْخُلُ فِي حَدِّ الْجُمُودِ.
وَتَقُولُ فِي خِلافِ ذَلِكَ: فُلان يَهْزِلُ، وَيَمْزَحُ، وَيَمْجُن،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute