للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مُحَالا، وَيَرُومُ مَرَاما مُسْتَحِيلا، وَقَدْ حَدَّثَتْهُ نَفْسه بِمَا لا يَكُونُ، وَأَطْمَعَتْهُ فِيمَا لا مَطْمَعَ فِيهِ، وَلا سَبِيلَ إِلَيْهِ، وَلا يَقَعُ فِي الإِمْكَانِ، وَلا تَصِلُ إِلَيْهِ مَقْدِرَة، وَلا يَبْلُغُ إِلَيْهِ مُرْتَقَى هِمَّة، وَلا تُبَلِّغُ إِلَيْهِ وَسِيلَة، وَلا يَعْلَقُ بِهِ سَبَب، وَلا تَظْفَرُ بِهِ أُمْنِيَّة، وَلا يَقَعُ فِي حِبَالَة أَمَل، وَلا تَنَالُهُ حِيلَةُ مُحْتَال.

وَقَدْ اِمْتَنَعَ عَلَيْهِ الأَمْرُ، وَاسْتَحَالَ عَلَيْهِ، وَأَعْجَزَهُ، وَأَعْيَاهُ، وَأَعْيَا عَلَيْهِ، وَهُوَ أَمْرٌ مِنْ وَرَاءِ الطَّاقَةِ، وَمِنْ فَوْقِ الإِمْكَانِ، وَإِنَّهُ لأَمْر يَسِمُ طَالِبه بِالْعَجْزِ، وَيَرْمِيه بِالْفَشَلِ، وَإِنَّمَا هُوَ جِسْرٌ لا يُعْبَرُ، وَكَنَف لا يُوطَأُ، وَعَقَبَة لا تُرْتَقَى.

وَتَقُولُ مَالِي بِهَذَا الأَمْرِ يَدَانِ، وَلا يَد لَك فِي هَذَا الأَمْرِ، وَلا قِبَلَلَك بِهِ، وَلا يَسَعُهُ طَوْقك، وَهُوَ أَمْرٌ يَقْصُرُ عَنْهُ بَاعك، وَيَفُوتُ مَبْلَغ ذَرْعك، وَإِنَّهُ لأَمْر مِنْ دُونِهِ شَيْب الْغُرَاب، وَمُخّ النَّعَام، وَمُخّ الْبَعُوض، وَلَبَن الطَّيْر

وَيُقَالُ فِي ضِدِّ ذَلِكَ تَأَتَّى لَهُ الأَمْر، وَتَيَسَّرَ، وَاسْتَيْسَرَ، وَتَسَهَّلَ، وَتَسَنَّى، وَتَهَيَّأَ، وَانْقَادَ، وَاسْتَقَادَ، وَقَدْ لانَتْ لَهُ أَعْطَاف الأُمُور، وَعَنَتْ لَهُ رِقَابهَا، وَأَمْكَنَتْهُ مِنْ قِيَادِهَا،