وينقلع الجص، وينكسر العتب. مع إنثناء الأجذاع لكثرة الوطء، وتكسّرها لفرط الثقل. وإذا كثر الدخول والخروج والإغلاق والإقفال وجذب الأقفال، تهشمت الأبواب وتقلعت الرزّات «١» وإذا كثر الصبيان، وتضاعف البوش «٢» نزعت مسامير الأبواب، وقلعت كل ضبّة «٣» ، ونزعت كل رزّة، وكسرت كل حوزة «٤» ، حفر فيها آبار الزدو «٥» ، وهشّموا بلاطها بالمداحي «٦» . هذا مع تخريب الحيطان بالأوتاد وخشب الرفوف.
وإذا كثر العيال والزوّار، والضيفان والندماء، احتيج من صب الماء واتخاذ الحببة «٧» القاطرة، والجرار الرّاشحة، إلى أضعاف ما كانوا عليه.
فكم من حائط قد تأكل أسفله، وتناثر أعلاه، واسترخى أساسه، وتداعى بنيانه، من قطر حب ورشح جرة، ومن فضل ماء البئر، ومن سوء التدبير. وعلى قدر كثرتهم يحتاجون من الخبيز والطبيخ ومن الوقود والتسخين. والنار لا تبقي ولا تذر. وإنما الدور حطب لها. وكل شيء فيها من متاع فهو أكل لها. فكم من حريق قد أتى على أصل الغلة، فكلفتم أهلها أغلظ النفقة. وربما كان ذلك عند غاية العسرة، وشدة الحال. وربما تعدت تلك الجناية الى دور الجيران، والى مجاورة الأبدان والأموال. فلو ترك الناس حينئذ رب الدار وقدر بليّته ومقادر مصيبته، لكان عسى ذلك أن يكون محتملا. ولكنهم يتشاءمون به، ولا يزالون يستثقلون ذكره، ويكثرون من لائمته وتعنيفه.