نعم ثم يتخذون المطابخ في العلالي على ظهور السطوح، وإن كان في أرض الدار فضل وفي صحنها متسع مع ما في ذلك من الخطار بالأنفس «١» ، والتغرير بالأموال، وتعرض الحرم ليلة الحريق لأهل الفساد، وهجومهم مع ذلك على سر مكتوم، وخبيء مستور. من ضيف مستخفّ، ورب دار متوار، ومن شراب مكروه، ومن كتاب متهم، ومن مال جم أريد دفنه، فأعجل الحريق أهله عن ذلك فيه، ومن حالات كثيرة، وأمور لا يحب الناس أن يعرفوا بها ثم لا ينصبّون التنانير «٢» ، ولا يمكنّون للقدور، إلا على متن السطح، حيث ليس بينها وبين القصب والخشب إلا الطين الرقيق والشيء لا يقي. هذا مع خفّة المؤونة في إحكامها وأمن القلوب من المتالف بسببها. فإن كنتم تقدمون على ذلك منا ومنكم وأنتم ذاكرون، فهذا عجب. وإن كنتم لم تحفلوا بما عليكم في أموالنا، ونسيتم ما عليكم في أموالكم، فهذا أعجب.
ثم إن كثيرا منكم يدافع بالكراء، ويماطل بالأداء. حتى إذا اجتمعت أشهر عليه، فرّ وخلّى أربابها جياعا، يتندّمون على ما كان من حسن تقاضيهم وإحسانهم. فكان جزاؤهم وشكرهم اقتطاع حقوقهم، والذهاب بأقواتهم. ويسكنها الساكن حين يسكنها، وقد كسحناها ونظفّناها، لتحسن في عين المستأجر، وليرغب فيها الناظر. فإذا خرج، ترك فيها مزبلة وخرابا، لا تصلحه إلا النفقة الموجعة، ثم لا يدع مترسا «٣» إلا سرقه، ولا سلّما إلا حمله، ولا نقضا إلا أخذه، ولا برادة إلا مضى بها معه، ويدع دقّ الثوب، والدقّ في الهاون والمنحاز «٤» ، في