طاعة. وإذا لم تكن العطية من الله ولا لله، فليس يجوز هذا فيما سموه جودا، فما ظنك بما سمّوه سرفا؟.
أفهم ما أنا مورده عليك وواصفه لك: إن التربّح «١» ، والتكسّب، والاستئكال «٢» بالخديعة، والطعم الخبيثة، فاشية غالبة، ومستفيضة ظاهرة.
على أن كثيرا مّمن يضاف اليوم إلى النزاهة والتكرّم، والى الصيانة والتوقي، لبأخذ من ذلك بنصيب وافر، وبمدّ واف. فما ظنّك بدهماء «٣» الناس وجمهورهم؟ بل ما ظنّك بالشعراء والخطباء الذين إنّما تعلّموا المنطق لصناعة التكسّب؟ وهؤلاء قوم بودّهم أن أرباب الأموال قد جاوزوا حدّ السلامة الى الغفلة، حتى لا يكون للأموال حارس ولا دونها مانع. فاحذرهم، ولا تنظر إلى بزّة «٤» أحدهم، فإن المسكين أقنع منه، ولا تنظر إلى مركبه فإن السائل أعفّ منه «٥» . وأعلم أنه في مسك مسكين، إن كان في ثياب جياد، وروحه روح نذل، وإن كان في جرم ملك «٦» وكلهم وإن اختلفت وجوه مسألتهم واختلفت أقدار مطالبهم، فهو مسكين. إلا أن واحدا يطلب العلق «٧» ، وآخر يطلب الخرق «٨» ، وآخر يطلب الدوانيق «٩» ، وآخر يطلب الألوف. فجهة هذا هي جهة هذا، وطعمة هذا هي طعمة هذا. وإنما يختلفون في أقدار ما يطلبون، على قدر الحذق والسبب. فاحذر رقاهم «١٠» ، وما نصبوا لك من الشرك، واحرس