الأصحاء، والأنبياء يطبون للمرضى حتى لا يتزايد مرضهم وحتى يزول
المرض بالعافية فقط. فأما الفلاسفة فإنهم يحفظون الصحة على
أصحابها ...
وقال أبو حيان في (الإمتاع) (ج ٢ ص ١٨٦) : ولما لم يرد من الإنسان
أن يكون حماراً حفظ عليه ما هو إنسان ودرج إلى كمال الملك الذي هو
شبيه به.
وفي كتاب الأوراق للصولي قول أبي القاسم الأديب الشاعر:
وكم ملك قد خصني بكرامة ... حفظت عليه أمره وهو ضائع
ولا نود أن نطيل بذكر الشواهد أكثر مما فعلنا. وإنما نذكر أن لقولهم:
حفظ له كذا معنى آخر. كقولك أحسنت إلى فلان فحفظ لي ذلك. أي
ذكر الإحسان ورعى ذكراه فهو كالوفاء والجزاء.
قال أبو تراب:
اختلاق صلات الأفعال يجعل المعنى مختلفاً فما كان من هذا القبيل
يجب التثبت فيه فالمحافظة مثلاً تعدى بعلى، قال الله تعالى: {حَافِظُوا
عَلَى الصَّلَوَاتِ} والاستحفاظ جاءت صلته بمن، قال تعالى: {بِمَا
اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ} والاحتفاظ بعلى. قال العجير السلولي:
بعيد من الشيء القليل احتفاظه ... عليك ومنزور الرضا حين يغضب
ويقال: احتفظ بالشيء وتحفظ به أي عني بحفظه. وعليك بالتحفظ
من الناس وهو التوقي وهو حفيظ عليه أي رقيب.
وفي اللسان: الحفيظ من صفات الله عز وجل لا يعزب عن حفظه