ومرد معرفته بالرؤية للهلال أو بالإكمال. كما في الأحاديث المتقدمة
المشعرة بالحصر في هذين السبيلين لا بكتاب ولا بحساب. فهذا خبر منه
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتضمن نهياً عن الاعتماد على الكتاب والحساب في أمر الهلال،
وفطم للأمة عن الاعتماد عليه، إذ أغناهم بنصب الرؤية أو الإكمال دليلاً
على أوائل الشهور. ولهذا نظائر في النصوص الخبرية كقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " المسلم
من سلم المسلمون من لسانه ويده. فهذا خبر يفيد صفة المسلم متضمناً
النهي عن إيذاء المسلم بلسان أو يد.
وهذا الظاهر في خبرية النص هو الذي يتفق مع الحقائق الشرعية
والدلائل النصية من الأحاديث السابقة. إذاً فيتعين إبقاء النص على ظاهره
في الخبرية، ولا يصرف عنها إلى العلية إلا بدليل، وصرفه يؤدي إلى
تعارض النصوص كما هو بين.
وهذا معنى ما قرره المحققون من أهل العلم في توجيه هذا الحديث
من أنه على ظاهره لا غير من عدم الاحتياج إلى الكتاب والحساب في
أمر الهلال - قرر ذلك ابن تيمية في: الفتاوى ٢٥ - وابن العربي في:
عارضة الأحوذي، وابن حجر في: الفتح ٤ / ١٢٢ وقال: ( ... فعلق الحكم
بالصوم وغيره بالرؤية لرفع الحرج عنهم في معاناة حساب التسيير واستمر
الحكم في الصوم ولو حدث بعدهم من يعرف ذلك. بل ظاهر السياق
يشعر بنفي تعليق الحكم بالحساب أصلاً، ويوضحه قوله في الحديث
الماضي " فإن غمّ عليكم فأكملوا العدة ثلاثين " ولم يقل فسلوا أهل
الحساب. والحكمة فيه كون العدد عند الإغماء يستوي فيه المكلفون
فيرتفع الخلاف والنزاع عنهم ... ) اهـ.
وابن بطال قال كما في إرشاد أهل الملة: