(وقال ابن بطال وغيره معنى الحديث: إنا لم نكلف في معرفة مواقيت
صومنا ولا عباداتنا ما نحتاج فيه إلى معرفة حساب ولا كتابة إنما ربطت
عباداتنا بأعلام واضحة وأمور ظاهرة يستوي في معرفة ذلك الحساب
وغيرهم) اهـ.
والسبكي كما في العلم المنشور ص / ٩ قال:
(وفي قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هكذا وهكذا وهكذا، وإشارته تحقيق لاعتماد الأمر
المحسوس الذي هو من أجلى الأمور، وفطم عن اعتماد الحساب في
ذلك) اهـ.
والذهبي في سير أعلام النبلاء ١٤ / ١٩١ - ١٩٢ فقال في معرض بحث
كتابة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وضعف حديث " ما مات النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى قرأ وكتب " - قال:
" ثم هو القائل: إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب "، فصدق إخباره بذلك
إذ الحكم للغالب، فنفى عنه وعن أمته الكتابة والحساب لندور ذلك فيهم
وقلته وإلا فقد كان فيهم كتّاب الوحي وغير ذلك، وكان فهم من يحسب،
وقال تعالى: {وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالحِسَابَ} .
ومن علمهم الفرائض وهي تحتاج إلى حساب وعول، وهو عليه السلام
فنفى عن الأمة الحساب فعلمنا أن المنفي كمال علم ذلك ودقائقه التي
يقوم بها القبط والأوائل، فإن ذلك ما لم يحتاج إليه دين الإسلام ولله
الحمد: فإن القبط عمقوا في الحساب والجبر، وأشياء تضيع الزمان وأرباب
الهيئة تكلموا في سير النجوم والشمس والقمر والكسوف والقرآن، بأمور
طويلة لم يأت الشرع بها، فلما ذكر صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشهور ومعرفتها بين أن معرفتها
ليست بالطرق التي يعرفها المنجم وأصحاب التقويم، وأن ذلك لا نعبأ به