للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} (١) الآيتين ١.

وقوله: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ} (٢) الآية ٢.

ــ

(١) حكم سبحانه أنه لا أضل ممن يدعو من دون الله أيّ مدعو كان، من وثن أو ولي أو غير ذلك، وأن ذلك المدعو لا يستجيب له ما طلب منه إلى يوم القيامة، فصارت دعوته له هي الغاية في الضلال والخسار: {وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ} ٣، فالداعي لمن هو غافل عنه لا أضل منه {وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً} . (٤ يتبرؤون منهم، كما قال الله عنهم: {تَبَرَّأْنَا إِلَيْكَ مَا كَانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ} ٥. {وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ} ٦ أي جاحدين لها، فلا أضل ممن لا يحصل له إلا نقيض قصده، يتبرأ منه معبوده، ويجحد عبادته له، وأثبت تعاليمه أن دعاء غير الله عبادة له وأنه في غاية الضلال، وأكثر ما يستعمل في السؤال والطلب. وذكر المصنف فيها خمسة أمور أنه لا أضل ممن دعا غير الله، وأنه غافل عن دعاء الداعي لا يدري عنه، وأن تلك الدعوة سبب لبغض المدعو للداعي وعداوته له، وأن تلك الدعوة عبادة للمدعو، وكفر المدعو بتلك العبادة، وأن هذه الأمور هي سبب كونه أضل الناس.

(٢) يحتج تعالى على المشركين في اتخاذهم الشفعاء من دونه بما قد علموه من إجابة المضطرين، وكشف السوء النازل بهم من عنده، وجعلهم خلفاء أحياء بعد أمواتهم.

{أإله مع الله} أي أإله سوى الله يفعل هذه الأشياء بكم، وينعم عليكم هذه النعم؟ أي أنتم تعلمون وتعترفون أنه لا يفعل ذلك سوى الله، فإذا كانت آلهتكم لا تجيبكم في حال الاضطرار، فلا يصلح أن تجعلوها شركاء لله الذي يجيب المضطر ويكشف السوء {قليلا ما تذكرون} وتعتبرون نعم الله وأياديه عندكم، فلذلك أشركتم به غيره. ومن تأمل هذه الآيات ونظائرها تبين له أن الله احتج على المشركين بما أقروا به على ما جحدوه من قصر العبادة عليه.


١ سورة الأحقاف آية: ٥.
٢ سورة النمل آية: ٦٢.
٣ سورة الأحقاف آية: ٥.
٤ سورة الأحقاف آية: ٦.
٥ سورة القصص آية: ٦٣.
٦ سورة الأحقاف آية: ٦.

<<  <   >  >>