وكسرت رباعيته (١) ، فقال: كيف يفلح قوم شجوا نبيهم؟ (٢) فنزلت: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ}" (٣) .
ــ
= وذكر ابن هشام من حديث أبي سعيد أن عبد الله بن شهاب الزهري هو الذي شجه في وجهه، وأن عبد الله بن قميئة جرحه في وجنته، فدخلت حلقتان من حلق المغفر في وجنته، وأن مالك بن سنان مص الدم من وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم وازدرده، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: " لن تمسك النار".
(١) الرباعية بفتح الراء وتخفيف الباء كل سن بعد ثنية، وللإنسان أربع رباعيات، قال الحافظ: كسرت فذهب منها فلقة، ولم تقلع من أصلها، وذكر ابن هشام أيضا أن عتبة بن أبي وقاص هو الذي كسر رباعية النبي صلى الله عليه وسلم السفلى، وجرح شفته السفلى، وجزم به غيره، وقال عليه السلام: " اللهم لا يحول عليه الحول حتى يموت كافرا " فما حال عليه الحول حتى مات كافرا إلى النار.
وروى الطبراني من حديث أبي أمامة قال: " رمى عبد الله بن قميئة رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد، فشج وجهه، وكسر رباعيته، فقال: خذها وأنا ابن قميئة، فقال له:"مالك أقماك الله " فسلط عليه تيس الجبل، فلم يزل ينطحه حتى قطعه قطعة قطعة ". وفي الحديث إثبات وقوع الابتلاء والأسقام بالأنبياء لينالوا جزيل الثواب، ولتعرف الأمم من أصابهم، فيتأسوا بهم، وليتيقنوا أنهم مخلوقون مربوبون، فلا يفتتن بهم، ويغلى فيهم، فيعبدون من دون الله.
(٢) أي كيف يحصل لهم الظفر والفوز والسعادة، مع فعلهم هذا بنبيهم، زاد مسلم: " كسروا رباعيته، وأدموا وجهه ".
(٣) أي ليس لك من الحكم في عبادي شيء، وإنما أنت عبد مأمور بإنذارهم وجهادهم، وليس لك إلا ما أمرتك به فيهم، وليس ذلك بهوان بالنبي صلى الله عليه وسلم على الله، فإنه أكرم خلق الله عليه، وأفضلهم على الإطلاق، ولكن ليتبين نزول قدره صلى الله عليه وسلم عن مقام الربوبية، فإنما هو عبد الله ورسوله.