للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: " قام رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أنزل عليه: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} ١ فقال: يا معشر قريش أو كلمة نحوها (٢) ، اشتروا أنفسكم لا أغني عنكم من الله شيئا (٣) ،

ــ

(١) عشيرة الرجل هم بنو أبيه الأدنون، أو قبيلته؛ لأنهم أحق الناس ببره وإحسانه الديني والدنيوي، كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً} ٢. وهذه نذارة خاصة، وإلا فقد أمره الله أيضا بالنذارة العامة، كما قال (أن أنذر الناس) وقد بلغهم ما أمر به صلى الله عليه وسلم.

وفي الصحيح من رواية ابن عباس: " صعد النبي صلى الله عليه وسلم على الصفا، وهو الجبل المعروف أسفل جبل أبي قبيس، فقال: يا صباحاه حتى اجتمع عليه ما بين أخشبي مكة، ولمسلم: فهتف يا صباحاه فقالوا: من هذا الذي يهتف؟ قالوا: محمد، فاجتمعوا إليه، فقال: أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلا تخرج بسفح هذا الجبل، أكنتم مصدقي؟ قالوا: ما جربنا عليك كذبا، قال: فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد، وفي رواية: إنما مثلي ومثلكم كمثل رجل رأى العدو، فانطلق يربأ أهله، فخشي أن يسبقوه، فجعل يهتف يا صباحاه ".

(٢) المعشر الجماعة الذين أمرهم واحد، ويتناول الأنبياء والإنس والجن، جمعه معاشر، والكلمة بالنصب عطف على ما قبلها، وهو شك من الراوي، هل قال: يا معشر قريش، أو قال ما يقارب ذلك، خاطب العامة أولا.

(٣) وفي رواية: " أنقذوا أنفسكم من النار " ٣. وعند الطبراني عن أبي أمامة: " اشتروا أنفسكم من النار، واسعوا في فكاكم " أي خلصوها بتوحيد الله، والإيمان به وبرسوله، واتباعي فيما جئتكم به، مما أنزل الله علي من توحيد الله، وإفراده بالعبادة، وترك ما كنتم تعبدونه من دون الله من الأوثان والأصنام، فإن ذلك هو الذي ينجيكم من عذاب الله، لا الاعتماد على الأحساب والأنساب، =


١ البخاري: الوصايا (٢٧٥٣) , ومسلم: الإيمان (٢٠٤ ,٢٠٦) , والنسائي: الوصايا (٣٦٤٤ ,٣٦٤٦ ,٣٦٤٧) , وأحمد (٢/٣٣٣ ,٢/٣٦٠ ,٢/٥١٩) , والدارمي: الرقاق (٢٧٣٢) .
٢ سورة التحريم آية: ٦.
٣ مسلم: الإيمان (٢٠٤) , والترمذي: تفسير القرآن (٣١٨٥) , والنسائي: الوصايا (٣٦٤٤) , وأحمد (٢/٣٦٠ ,٢/٥١٩) .

<<  <   >  >>