للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيكون أول من يرفع رأسه جبرائيل (١) ، فيكلمه الله من وحيه بما أراد (٢) ، ثم يمر جبرئيل على الملائكة، كلما مر بسماء سأله ملائكتها ماذا قال ربنا يا جبرائيل؟ فيقول جبرائيل: قال الحق وهو العلي الكبير (٣) . فيقولون كلهم مثل ما قال جبرائيل (٤) ،

ــ

= فيها، هيبة لله وخوفا منه، فالالتجاء إلى غيره، والتعلق عليه من أبطل الباطل وأمحل المحال؛ إذ هو سبحانه بيده أزمة الأمور، وكل من سواه مخلوق مربوب لا يملك نفعا ولا ضرا، وفي الحديث: " أن الأمة لو اجتمعوا أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك "١.

(١) بفتح "أول" خبر "يكون"، مقدم على اسمها، ويجوز العكس، وإنما كان أول من يرفع رأسه جبرائيل؛ لأنه سفير الله وبين رسله وأمينه على وحيه. واسم جبرائيل عبد الله، وميكائيل عبيد الله، وإسرافيل عبد الرحمن، وكل شيء يرجع إلى إيل فهو معبد لله، قاله علي بن الحسين وغيره. وفيه فضيلة جبرائيل، وقد وصفه الله بقوله: (إنه لقول) أي تبليغ: {رَسُولٍ كَرِيمٍ ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ} ٢. ورآه رسول الله صلى الله عليه وسلم في صورته، وله ستمائة جناح، كل جناح منها قد سد الأفق، فإذا كان هذا عظم أحد المخلوقات فخالقها أعظم وأجل وأكبر، بل السماوات والأرض ومن فيهن في كف الرحمن جل وعلا كخردلة في يد أحدنا، فكيف يسوى به غيره في العبادة؟ .

(٢) فيه التصريح بأن الله يوحي إلى جبرائيل بما أراده من أمره كما تقدم.

(٣) فيه إثبات علو الله تعالى وتقدس، وأنه قال ويقول، خلافا للجهمية.

(٤) أي يقولون: قال الحق، وهو العلي الكبير، تبارك وتعالى.


١ الترمذي: صفة القيامة والرقائق والورع (٢٥١٦) , وأحمد (١/٢٩٣) .
٢ سورة التكوير آية: ١٩-٢١.

<<  <   >  >>