للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أخذت السماوات منه رجفة (١) ، أو قال: رعدة شديدة (٢) خوفا من الله عز وجل (٣) ، فإذا سمع ذلك أهل السماوات صعقوا وخروا لله سجدا (٤) ،

ــ

(١) (السماوات) مفعول مقدم، والفاعل رجفة، أي أصاب السماوات من كلام الله رجفة، وأصل الرجفة الحركة والاضطراب، أي تحركت واضطربت، وهو صريح في أنها تسمع كلام الله تعالى، كما روى ابن أبي حاتم عن عكرمة قال: " إذا قضى الله أمرا تكلم تبارك وتعالى، رجفت السماوات والأرض والجبال، وخرت الملائكة سجدا ".

(٢) شك من الراوي هل قال النبي صلى الله عليه وسلم رجفة، أو قال: رعدة شديدة، وهما متقاربان أو متحدان في المعنى، أي رجفة واضطراب خوفا من الله، وهذا من شدة حرص السلف على ألفاظ الحديث، وإن كانت تجوز روايته بالمعنى بشروطها المعروفة.

(٣) هذا ظاهر في أن السماوات لها معرفة وإحساس، تخاف من الله بما جعل فيها من الإحساس والمعرفة بمن خلقها، وقد أخبر الله أن هذه المخلوقات العظيمة تسبحه وتقدسه، كقوله: {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} ١. وثبت سماع تسبيح الطعام وهو يؤكل، والحصى والجذع، وهذه المخلوقات تسبح الله وتخشاه حقيقة، ولا يقال بلسان الحال.

(٤) أي يقع منهم الأمران الصعوق، - وهو هنا الغشي- ويقع منهم السجود، والله أعلم أيهما قبل الآخر، وفيه إثبات عظمة الله تعالى، وعلو ذاته وقدرته وقهره، فإذا كانت السماوات على عظمتها وسعتها وما فيها من السكان ترجف ويصعق من =


١ سورة الإسراء آية: ٤٤.

<<  <   >  >>