للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم: أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصابا، وسموها بأسمائهم (١) ، ففعلوا ولم تعبد، حتى إذا هلك أولئك ونسي العلم عُبدت " (٢) .

ــ

(١) أي فإذا هلك أولئك الصالحون، وحزن عليهم قومهم حزنا شديدا، وسوس لهم الشيطان، وألقى إليهم أن انصبوا إلى مجالسهم حالة التعليم والتذكير أنصابا على صورهم المعلومة عندكم، جمع نصب، والأمر منه بالكسر، والمراد بالأنصاب هنا الأصنام المصورة على صور أولئك الصالحين التي نصبوها في مجالسهم؛ ليتذكروا أفعالهم بها، وسموها بأسمائهم حتى لا تنسوهم، وكلما ترونها تذكركم إياهم، وقد أخرج الشيطان لهم هذه الحيلة في قالب المحبة؛ لعدم قدرته عليهم إلا بهذه الدرجة، ومقصوده من بعدهم الذين لم يعرفوا ما نصبت له، ليوسوس لهم أنهم كانوا معبودين في أولاكم.

(٢) أي فعل أولئك ما أوحاه الشيطان إليهم من تصوير صالحيهم، ولم تعبد تلك الصور، لقرب عهدهم بمعرفة الهالكين وما صوروا لأجله، حتى إذا هلك الذين صوروا الأصنام، ونسي العلم الذي فيه بيان الشرك والتوحيد، أو نسي العلم الذي نصبوا لأجله الأنصاب، وهو تذكر العلم الذي كانوا يأخذونه عنهم، والعبادة التي كانوا يفعلونها؛ ليتأسوا بهم فيها، عبدت تلك الصور، وفي رواية: أنهم قالوا: ما عظم أولنا هؤلاء إلا وهم يرجون شفاعتهم عند الله، فهذا هو السبب في عبادة هؤلاء الصالحين، وهذه هي الشبهة التي ألقاها الشيطان على المشركين من الأولين والآخرين. وفي رواية: "ونسخ" أي درست آثاره بذهاب العلماء، حتى صاروا لا يميزون بين التوحيد والشرك، فوقعوا في الشرك ظنا منهم أنه ينفعهم.

وعبدت تلك الأصنام لما قال لهم إبليس: إن من كان قبلكم كانوا يعبدونهم، وبهم يسقون المطر، فصارت هذه الأصنام بهذا التصوير سلما لعبادتها، ففيه مضرة =

<<  <   >  >>