قال ابن القيم:((قال غير واحد من السلف: لما ماتوا عكفوا على قبورهم، ثم صوروا تماثيلهم، ثم طال عليهم الأمد فعبدوهم)) (١) .
ــ
= فقد العلم، ومضرة الغلو فإن كل ما عبد من دون الله من- قبر أو صنم- فالأصل في عبادته الغلو واندراس العلم، والجهل بحقيقة دين المرسلين، فالله المستعان.
قال الكلبي:((كان لعمرو بن ربيعة رئي من الجن، فأتاه فقال: أجب أبا ثمامة، وادخل بلا ملامة، ثم ائت سيف جدة تجد بها أصناما معدة، ثم أوردها تهامة ولا تهب، ثم ادع العرب إلى عبادتها تجب، فأتى جدة فوجد بها ودا وسواعا ويغوث ويعوق ونسرا، وفي الأصنام التي كانت عبدت على عهد نوح وإدريس، ثم إن الطوفان طرحها هناك، فاستثارها عمرو، وحضر الموسم، ودعا إلى عبادتها فأجيب)) اهـ.
وعمرو بن ربيعة وعمرو بن لحي، أول من غير دين إبراهيم، والمعبود في الحقيقة هو الشيطان الذي زين لهم عبادتها، وأمرهم بها كما قال تعالى:{أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلاً كَثِيراً أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ} ١.
(١) ابن القيم هو الإمام العلامة محمد بن أبي بكر بن أيوب الزرعي الدمشقي، المعروف بابن قيم الجوزية، الثقة الحجة الورع الزاهد، المتفنن في سائر العلوم، صاحب التصانيف الرائقة السائرة المقبولة، أخذ عن شيخ الإسلام والمزي وغيرهما، وعد في أكابر السلف، مات -قدس الله روحه- سنة ٧٥١ هـ، وما ذكره -رحمه الله- هو بمعنى ما ذكره البخاري وابن جرير وغيرهما، إلا أنه ذكر عكوفهم على قبورهم قبل تصوير تماثيلهم، وذلك أعظم الوسائل الموصلة إلى الشرك، بل هو الشرك؛ لأن العكوف لله في المساجد عبادة، فإذا كان على القبور صار عكوفهم- تعظيما =