للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهؤلاء جمعوا بين الفتنتين: فتنة القبور وفتنة التماثيل (١) .

ــ

= أولا بالبناء على القبور، ثم بالتصوير، ثم بكونهم شرار الخلق؛ سدا للذريعة المؤدية إلى الشرك.

وفيه ونحوه دلالة ظاهرة على تحريم بناء المساجد على القبور، وزخرفتها وإسراجها، وعبادة الله عندها، أو تعليق شيء من الصور عليها، لا سيما وقد لعن صلى الله عليه وسلم من فعل ذلك كما سيأتي.

(١) هذا من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية على الحديث، أدرجه المصنف -رحمهما الله تعالى- غير منسوب؛ لأنه معلوم عند غالب من يقرأ هذا الكتاب، وعني -رحمه الله- أن الذين بنوا هذه الكنيسة جمعوا فيها بين فتنتين، ضل بهما كثير من الخلق، فأما فتنة القبور فلأنهم افتتنوا بقبور الصالحين، وعظموها تعظيما مبتدعا، فآل بهم إلى الشرك. وأما فتنة التماثيل- أي الصور- فإنهم لما افتتنوا بقبور الصالحين، وعظموها وبنوا عليها المساجد، وصوروا فيها تلك الصور، آل بهم الأمر إلى أن عبدوها، وهاتان الفتنتان هما سبب عبادة الصالحين، كاللات والعزى وود وغيرها، وهذه العلة هي التي لأجلها نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن اتخاذ المساجد على القبور، وهي التي أوقعت الكثير من الأمم في ذلك، والفتنة بالقبور كالفتنة بالأصنام وأشد؛ فإن الشرك بقبر رجل يعتقد صلاحه أقرب إلى النفوس من الشرك بخشبة أو حجر، ولهذا تجد أهل الشرك يتضرعون عندها، ويخشعون ويخضعون، ويعبدون عبادة لا يفعلونها في بيوت الله، ويلهجون بذكرهم أكثر مما يذكرون الله، وينفقون نفائس الأموال في ذلك، ولأجل هذه المفسدة حسم النبي صلى الله عليه وسلم مادتها، حتى نهى عن الصلاة في المقبرة. قال شيخ الإسلام: وإذا قصد الرجل الصلاة عند القبور متبركا بها، فهذا عين المحادة، فإن المسلمين قد أجمعوا على ما قد علموه بالاضطرار من دين الرسول صلى الله عليه وسلم أن الصلاة عند القبور منهي عنها، وأنه لعن من اتخذها مساجد، فمن أعظم المحدثات وأسباب الشرك الصلاة عندها، واتخاذها مساجد، وبناء المساجد عليها، فقد تواترت =

<<  <   >  >>