وكذا قال أبو الجوزاء عن ابن عباس: كان يلت السويق للحاج (١) . وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال:" لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم زائرات القبور (٢) ،
ــ
(١) رواه البخاري عن مسلم بن إبراهيم عن أبي الأشعث عن أبي الجوزاء، وهو أوس بن عبد الله الربعي بفتحتين من ربيعة الأزد، روى عن أي هريرة وابن عباس وغيرهما، وعنه بديل وقتادة والأشعث وغيرهم، ثقة مشهور مات سنه ٨٣ هـ.
(٢) اللعن: الطرد والإبعاد ويقع بالقول، "وزائرات " جمع زائرة، وفي رواية "زوارات القبور"، وفيه دلالة صريحة على تحريم زيارة النساء القبور وهو قول أكثر أهل العلم، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن زيارة القبور نهيا عاما، ثم أذن فيه بقوله: "فزوروها" وحديث الإذن مخصص بهذا الحديث، فهو من العام المخصوص، ولم تدخل النساء في الإذن لأوجه:(منها) أن قوله: "فزوروها" صيغة تذكير، ولو كان للعموم لكان النساء على عهده صلى الله عليه وسلم وعهد خلفائه يزرنها. (ومنها) أنه علل الإذن للرجال بأن ذلك يذكر الموت، ويرقق القلب، وتدمع العين، والمرأة يخرجها إلى الجزع والندب والنياحة لما فيها من الضعف، والعلة في المنع أنهم كانوا حديثي عهد بكفر، فلما طال مكثهم في الإسلام نسخ لزوال العلة، والعلة في النساء باقية بحالها، وليس في زيارتهن من المصلحة ما يعارض تلك المفسدة؛ لأنه ليس في زيارتهن إلا دعاؤهن للميت، أو اعتبارهن به، وذلك ممكن في بيوتهن، وفي الحديث: " ارجعن مأزورات غير مأجورات، فإنكن تفتن الحي وتؤذين الميت ". وفي الصحيح نهيه النساء عن اتباع الجنائز.