للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله: {قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ} ١ (٢) .

ــ

= المصنف: وفيه معرفة الإيمان بالجبت والطاغوت في هذا الموضع، هل هو اعتقاد قلب، أو هو موافقة أصحابها مع بغضها ومعرفة بطلانها؟ أي فالإيمان بالجبت والطاغوت في هذا الموضع هو موافقة أصحابها مع بغضها، ومعرفة بطلانها، كفعل علماء السوء مع أهل الحق، حرفة يهودية، ووراثة غضبية. ومطابقة الآية للترجمة أنه إذا كان الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت، فهذه الأمة التي أوتيت القرآن لا يستنكر ولا يستبعد أن تعبد الجبت والطاغوت؛ فإن الرسول صلى الله عليه وسلم قد أخبر أن هذه الأمة ستفعل مثل ما فعلت الأمم قبلها.

(١) يقول الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم (قل) يا محمد لهؤلاء الذين اتخذوا دينكم هزوا ولعبا من أهل الكتاب الطاعنين في دينكم الذي هو توحيد الله، وإفراده بالعبادة دون ما سواه (هل) أخبركم بشر جزاء عند الله يوم القيامة، مما تظنونه بنا في قولكم: لم نر أهل دين أقل حظا في الدنيا والآخرة منكم، ولا شرا من دينكم، وديننا هو توحيد الله وإفراده بالعبادة، وهم أنتم أيها المتصفون بهذه الصفات المذمومة المفسرة بقوله: (من لعنه الله) وأبعده من رحمته وطرده، (وغضب عليه) غضبا لا يرضى بعده أبدا (وجعل منهم القردة) أصحاب السبت (والخنازير) كفار مائدة عيسى. وعن ابن عباس: كلاهما من أصحاب السبت، فشبابهم مسخوا قردة، وشيوخهم مسخوا خنازير، وقد " سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن القردة والخنازير أهي مما مسخ الله؟ فقال: إن الله لم يهلك قوما فجعل لهم نسلا ولا عاقبة، وإن القردة والخنازير كانت قبل ذلك " ٢ رواه مسلم.

(٢) أي وجعل منهم من عبد الطاغوت، أي أطاع الشيطان فيما سول له، قال شيخ الإسلام: الصواب أنه معطوف على قوله: (من لعنه الله وغضب عليه) فهو فعل ماض، معطوف على ما قبله أي: ومن عبد الطاغوت، ولم يعد لفظ (من) ؛ =


١ سورة المائدة آية: ٦٠.
٢ أحمد (١/٣٩٠ ,١/٣٩٥ ,١/٣٩٦ ,١/٤٢١) .

<<  <   >  >>