للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله: {قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِداً} ١ (١) .

عن أبي سعيد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لتتبعن سنن من كان قبلكم (٢) حذو القذة بالقذة (٣) ، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه (٤) .

ــ

= لأنه جعل هذه الأفعال كلها صفة لصنف واحد، وهم اليهود. وقوله: (أولئك شر مكانا) أي مما تظنون بنا (وأضل عن سواء السبيل) ومطابقة الآية للترجمة أنه إذا كان اليهود ممن عبد الطاغوت، فكذلك يكون في هذه الأمة.

(١) أي قال ذلك أصحاب الكلمة والنفوذ، في زمن أصحاب الكهف (لنتخذن عليهم مسجدا) ليعرفوا فيقصدهم الناس ويتبركون بهم، ذمهم الله بذلك، تحذيرا لنا أن نتخذ القبور أوثانا، وتقدم لعن النبي صلى الله عليه وسلم اليهود والنصارى لاتخاذهم المساجد على قبور أنبيائهم، وأن مراده تحذيرنا أن نفعل فعلهم، فيجرنا ذلك إلى الشرك، ويأتي إخباره بذلك، وهو وجه الاستدلال بالآية.

(٢) "تتبعن" بضم العين وتشديد النون، أي لتسلكن طرق من كان قبلكم من الأمم، في عبادة الأوثان وغيرها مما ذمهم الله به، وهو الشاهد للترجمة، وبه أيضا تظهر مناسبة الآيات للترجمة.

(٣) بنصب "حذو" على المصدر، أي تحذون حذوهم، و "القذة" بضم القاف واحدة القذذ، وهي ريش السهم، مبالغة منه صلى الله عليه وسلم في الوصف، أي لتفعلن أفعالهم، ولتتبعن طرائقهم، حتى تشبهوهم وتحاذوهم في كل ما فعلوه، كما تشبه قذة السهم القذة الأخرى وتساويها، لا تزيد واحدة على الأخرى.

(٤) أي لو تصور دخولهم جحر ضب مع ضيقه لدخلتموه، لشدة سلوككم طريق من قبلكم، و "الجحر" بضم فسكون غار الضب. وفي حديث آخر: " حتى لو كان فيهم من يأتي أمه علانية لكان فيكم من يفعل ذلك " ٢. وهذا كله شدة مبالغة =


١ سورة الكهف آية: ٢١.
٢ الترمذي: الإيمان (٢٦٤١) .

<<  <   >  >>