للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قالوا: يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال: فمن " ١. أخرجاه (١) .

ولمسلم عن ثوبان رضي الله عنه (٢)

ــ

= منه صلى الله عليه وسلم وبيان أن أمته لا تدع شيئا مما كان يفعله اليهود والنصارى إلا فعلته كله، لا تترك منه شيئا، وقد أكد هذا الخبر بأنواع من التأكيدات، من ذلك اللام في قوة: والله لتتبعن، ثم بنون التوكيد، ثم بقوله: "حذو القذة بالقذة"، ثم بالغ أشد مبالغة في التشبه بهم، حتى إن اليهود والنصارى لو دخلوا جحر ضب لدخلته هذه الأمة، ولهذا قال سفيان بن عيينة وغيره من السلف: " من فسد من علمائنا ففيه شبه من اليهود، ومن فسد من عبادنا ففيه شبه من النصارى ".

(١) أي البخاري ومسلم واللفظ له، و "اليهود" بالرفع خبر مبتدأ محذوف، أي أهم اليهود والنصارى الذين نتبع سننهم؟ ويجوز النصب بفعل محذوف تقديره: تعني، و "من" استفهام تقرير، أي فمن القوم إلا هم، فبين صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث ونحوه أن كل ما وقع من أهل الكتاب، مما ذمهم الله به في هذه الآيات وغيرها لا بد أن يقع جميعه في هذه الأمة، وهذا اللفظ وإن كان خبرا، فمعناه النهي عن متابعتهم، وهذا من علامة نبوته صلى الله عليه وسلم ومن معجزاته، فقد سلك كثير من أمته مسلك اليهود والنصارى في إقامة سائر شعائرهم في الأديان، وفي عاداتهم من تعظيم القبور، واتخاذها مساجد حتى عبدوها، وإقامة الحدود والتعزيرات على الضعفاء دون الأقوياء، وملابسهم ومراكبهم، والتسليم بالإشارة، واتخاذ الأحبار والرهبان أربابا، والإعراض عن كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم والإقبال على كتب البدع والضلال، وغير ذلك مما نهى الله عنه.

(٢) ثوبان يقال إنه من العرب، من بني حكمي بن سعد، وقيل من السراة، مولى لرسول الله صلى الله عليه وسلم اشتراه فأعتقه، وخدمه ولازمه إلى أن مات صلى الله عليه وسلم، ونزل بعده الشام، ومات بحمص سنة ٥٤ هـ.


١ البخاري: أحاديث الأنبياء (٣٤٥٦) , ومسلم: العلم (٢٦٦٩) , وأحمد (٣/٨٤ ,٣/٨٩ ,٣/٩٤) .

<<  <   >  >>