للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن الله زوى لي الأرض، فرأيت مشارقها ومغاربها (١) ، وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منها (٢) ، وأعطيت الكنزين الأحمر والأبيض (٣) ،

ــ

(١) أي زواها جميعها، يقال: زويت الشيء، جمعته وقبضته، يريد تقريب البعيد منها، حتى اطلع عليه صلى الله عليه وسلم اطلاعه على القريب، بأن طويت له، وجعلت مجموعة كهيئة كف في مرآة ينظره، فأبصر ما تملكه أمته من أقصى مشارق الأرض ومغاربها، وفي رواية أبي داود: " فأريت مشارق الأرض ومغاربها ". قال القرطبي: ((ظاهر اللفظ يقتضي أن الله قوى إدراك بصره، ورفع عنه الموانع المعتادة، فأدرك البعيد من موضعه، كما أدرك بيت المقدس من مكة، وأخذ يخبرهم عنه وهو ينظر إليه)) .

(٢) زوي يحتمل أن يكون مبنيا للفاعل، وأن يكون مبنيا للمفعول. ولأحمد وغيره: " إنه ستفتح لكم مشارق الأرض ومغاربها " ١ وقد وقع ما أخبر به صلى الله عليه وسلم وقال القرطبي: ((هذا الخبر وجد مخبره كما قال صلى الله عليه وسلم، وكان ذلك من دلائل نبوته صلى الله عليه وسلم، وذلك أن ملك أمته اتسع إلى أن بلغ أقصى طنجة، الذي هو منتهى عمارة المغرب، إلى أقصى المشرق مما وراء خراسان والنهر، وكثير من بلاد السند والهند والصغد، ولم يتسع ذلك الاتساع من جهة الجنوب والشمال، ولذلك لم يذكر أنه أريه ولا أخبر أن ملك أمته يبلغه)) .

(٣) بالنصب على البدلية، قال القرطبي: يعني به كنز كسرى وهو ملك الفرس، وكنز قيصر وهو ملك الروم، وقصورهما وبلادهما، وقد قال: " والذي نفسي بيده لتنفقن كنوزهما في سبيل الله " ٢ وعبر بالأحمر عن كنز قيصر؛ لأن الغالب عندهم الذهب، وبالأبيض عن كسرى؛ لأن الغالب عندهم الجوهر والفضة، =


١ مسلم: الإمارة (١٨٥٥) , وأحمد (٦/٢٤) , والدارمي: الرقاق (٢٧٩٧) .
٢ أبو داود: الجهاد (٢٦٠٨) .

<<  <   >  >>