وإني سألت ربي لأمتي أن لا يهلكها بسنة بعامة (١) ، وأن لا يسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم، فيستبيح بيضتهم (٢) ، وإن ربي قال: يا محمد إذا قضيت قضاء فإنه لا يرد (٣) ،
ــ
= وقد وجد ذلك في خلافة الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فإنه سيق إليه تاج كسرى وحليته، وما كان في بيوت أمواله، وجميع ما حوته مملكته على سعتها وعظمتها، وكذلك فعل الله بقيصر لما فتح بلاده.
(١) هكذا ثبت بأصل المصنف بالباء، وهي رواية في صحيح مسلم وغيره، وفي بعضها بحذفها، قال القرطبي: وكأنها زائدة؛ لأن عامة صفة السنة، والسنة الجدب الذي يكون به الهلاك العام، ويسمى الجدب والقحط سنة، ويجمع على سنين كقوله:{وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ} ١ أي الجدب المتوالي.
(٢) أي لا يسلط عليهم عدوا من غيرهم من الكفار، فيستأصل معظمهم وجماعتهم، وبيضة كل شيء حوزته، وقال الجوهري وغيره: بيضة القوم ساحتهم، سأل الله أن لا يسلط العدو على معظم المسلمين وجماعتهم وإمامهم ما داموا بهذه الأوصاف المذكورة، ولو اجتمع عليهم كل من بين أقطار الأرض حتى يقع منهم ما ذكر فقد يسلطون عليهم.
(٣) أي إذا حكمت حكما مبرما نافذا أو معلقا فإنه لا يرد بشيء، ولا يقدر أحد على رده، كما قال صلى الله عليه وسلم:" ولا راد لما قضيت "، وفي بعض الروايات قال:" دعوت ربي ثلاثا، فأعطاني اثنتين، ومنعني واحدة، سألته أن لا يهلك أمتي بسنة عامة، وأجابني، وسألته أن لا يسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم، وأجابني، وسألته الثالثة أن لا يجعل بأسهم بينهم شديدا ومنعني هذا، وقال: حتى يهلك بعضهم بعضا، ويسبي بعضهم بعضا ". وحتى هنا للغاية يعني إذا فعل بعضهم ببعض هكذا سلط عليهم العدو حينئذ، وما داموا مجتمعين على الحق فلا يسلط عليهم، ولكن عند فرقتهم يسلط عليهم عقوبة لهم.