وفي صحيح البخاري عن بجالة بن عبدة (١) قال: " كتب عمر بن الخطاب أن اقتلوا كل ساحر وساحرة (٢) . قال: فقتلنا ثلاث سواحر "(٣) .
وصح عن حفصة -رضي الله عنها- " أنها أمرت بقتل جارية لها سحرتها فقتلت "(٤) .
ــ
(١) بجالة بفتحتين وعبدة بفتحتين، العنبري التميمي بصري ثقة، أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يره، وكان كاتبا لجزء بن معاوية في خلافة عمر.
(٢) ظاهره أنه يقتل من غير استتابة، وهو المشهور عن أحمد، وبه قال مالك وأبو حنيفة؛ لأن الصحابة لم يستتيبوهم، ولأن علم السحر لا يزول بالتوبة. وعنه يستتاب وفاقا للشافعي، واختاره الشيخ وغيره؛ لأن ذنبه لا يزيد على الشرك، وصحح الشارح الأول لظاهر عمل الصحابة، فلو كانت الاستتابة واجبة لفعلوها أو بينوها، وقياسه على المشرك لا يصح؛ لأنه أكثر فسادا وتشبيها من المشرك وقال الشيخ وغيره: إن رأى الإمام قتله كالزنديق فله ذلك للمصلحة.
(٣) أي قال ذلك بجالة، ولم يذكر البخاري قتل السواحر، ولعل المصنف -رحمه الله- أراد أصله لا لفظه، ورواه أحمد وأبو داود والترمذي والبيهقي والقطيعي وغيرهم.
(٤) أي الجارية، وهذا الأثر يؤيد قتل الساحر. وقد رواه عبد الرزاق ومالك في الموطأ في (باب ما جاء في الغيلة والسحر) وقال بعد ذلك: الساحر الذي يعمل السحر ولم يعمل ذلك له غيره، هو مثل الذي قال الله فيه:{وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ} ١.
وحفصة هي أم المؤمنين ابنة عمر بن الخطاب -رضي الله عنهما-، تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم بعد خنيس بن حذافة سنة ٢ أو ٣ هـ بعد عائشة، ولدت قبل البعثة بخمس، وماتت سنة ١ أو ٤٥ هـ.