للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن (١) : الفخر بالأحساب (٢) ، والطعن في الأنساب (٣) ،

ــ

(١) خرج مخرج الذم نسبة إلى الجهل، أي ستفعلها هذه الأمة إما مع العلم بتحريمها أو مع الجهل بذلك، مع كونها من أعمال الجاهلية المذمومة المكروهة المحرمة، ولكنها تارة تكثر وتارة تقل، وذلك بظهور الإسلام وضعفه، والمراد بالجاهلية هنا ما قبل المبعث، سموا بذلك لفرط جهلهم، وكل ما يخالف ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم فهو جاهلية. قال شيخ الإسلام: ((أخبر أن بعض أمر الجاهلية لا يتركه الناس كلهم، ذما لمن لم يتركه، وهذا يقتضي أن ما كان من أمر الجاهلية وفعلهم فهو مذموم في دين الإسلام، وإلا لم يكن في إضافة هذه المنكرات إلى الجاهلية ذم لها، كما قال تعالى: {وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى} ١. فإن في ذلك ذما للتبرج، وذما لحال الجاهلية الأولى، وهذا يقتضي المنع من مشابهتهم في الجملة)) .

(٢) أي التشرف بالآباء والتعاظم بعدّ مناقبهم ومآثرهم وفضائلهم، وذلك جهل عظيم؛ إذ لا شرف إلا بالتقوى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} ٢،: {وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى} ٣ ولأبي داود: " إن الله قد أذهب عنكم عبية الجاهلية وفخرها بالآباء، إنما هو مؤمن تقي، أو فاجر شقي، الناس بنو آدم وآدم من تراب " ٤. قال المصنف: ((فخر الإنسان بعمله منهي عنه، فكيف افتخاره بعمل غيره)) ؟

(٣) أي الوقوع فيها بالتنقص والعيب وقصد الذم، والحط من الرتبة كليس فلان من ذرية فلان أو آل فلان، قدحا لا لبيان المطلوب شرعا، ويأتي أيضا. ولما عير أبو ذر رجلا بأمه قال -عليه الصلاة والسلام-: " إنك امرؤ فيك جاهلية " ٥. متفق عليه، قال شيخ الإسلام: ((فدل على أن الطعن في الأنساب من عمل الجاهلية المذموم، وأن المسلم قد يكون فيه شيء من هذه الخصال المسماة بجاهلية ويهودية ونصرانية، ولا يوجب كفره)) اهـ، والمراد العملية لا الاعتقادية.


١ سورة الأحزاب آية: ٣٣.
٢ سورة الحجرات آية: ١٣.
٣ سورة سبأ آية: ٣٧.
٤ الترمذي: المناقب (٣٩٥٥) , وأبو داود: الأدب (٥١١٦) .
٥ البخاري: الإيمان (٣٠) , ومسلم: الأيمان (١٦٦١) , وأبو داود: الأدب (٥١٥٧ ,٥١٥٨) , وأحمد (٥/١٦١) .

<<  <   >  >>