للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والاستسقاء بالنجوم (١) ، والنياحة (٢) " ١. وقال: " النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة (٣)

ــ

(١) أي نسبة السقيا ومجيء المطر إلى النجوم نسبة تأثير أو إيجاد، وهو الذي خافه النبي صلى الله عليه وسلم على أمته، فأخرج أحمد وغيره " أخاف على أمتي ثلاثا: استسقاء بالنجوم، وحيف السلطان، وتكذيبا بالقدر " ٢. فإذا قال: مطرنا بنوء كذا أو بنجم كذا، فلا يخلو إما أن يعتقد أن له تأثيرا في إنزال المطر فهذا شرك أكبر بالإجماع، وهو الذي يعتقده أهل الجاهلية، كاعتقادهم في الأموات والغائبين لجلب نفع أو دفع ضر، وإما أن ينسب إنزال المطر إلى النجم، مع اعتقاد أن الله هو الفاعل، وصحح الشارح أنه يحرم نسبة ذلك إلى النجم، وصرح ابن مفلح في الفروع أنه يحرم قول: مطرنا بنوء كذا، وجزم في الإنصاف بتحريمه، ولم يذكرا خلافا، وهو الذي أراده النبي صلى الله عليه وسلم ونفاه وأبطله، وأخبر أنه من أمر الجاهلية، حماية منه لجناب التوحيد، وسدا لذرائع الشرك ولو بالعبارات الموهمة التي لا يقصدها الإنسان، وذلك لأنه نسب ما هو من فعل الله إلى خلق مسخر لا ينفع ولا يضر، ولا قدرة له على شيء فيكون شركا أصغر، والله أعلم. وفيه التنبيه على ما هو أولى منه كدعاء الأموات وسؤالهم الذي هو عين الشرك، وهذا بخلاف ما لو قال: مطرنا في نوء كذا، فكما لو قال: مطرنا في شهر كذا فلا بأس بذلك.

(٢) أي رفع الصوت بالندب على الميت، وإفراط رفعه بالبكاء، وإن لم يقترن بندب ولا نوح، وضرب الخدود وشق الجيوب ونحو ذلك؛ لأن ذلك تسخط بقضاء الله وقدره، وذلك ينافي الصبر الواجب، وهي من الكبائر لشدة الوعيد والعقوبة، فأما البكاء من غير نياحة ولا ندب وشق جيب فقال شيخ الإسلام: ((البكاء على الميت على وجه الرحمة حسن مستحب، ولا ينافي الرضا بقضاء الله)) .

(٣) أي تبعث من قبرها، وتوقف يوم الحساب والجزاء، وفيه تنبيه على أن التوبة تكفر الذنب وإن عظم، وهو إجماع في الجملة لقوله تعالى: {إِلاَّ مَنْ تَابَ} ٣ =


١ مسلم: الجنائز (٩٣٤) , وأحمد (٥/٣٤٢ ,٥/٣٤٤) .
٢ أحمد (٥/٨٩) .
٣ سورة مريم آية: ٦٠.

<<  <   >  >>