للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان (١) : أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما (٢) ، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله (٣) ،

ــ

(١) أي ثلاث خصال من وجدن فيه تامة وجد بهن حلاوة الإيمان، لما يحصل به من لذة القلب ونعيمه وسروره وغذائه، والحلاوة هنا هي التي يعبر عنها بالذوق، وهي حلاوة محسوسة، يجدها أهل الإيمان في قلوبهم، أعلى من حلاوة المطعوم الحلو في الفم، فيستلذ الطاعات ويتحمل المشقات في رضى الله، ويحبه بفعل طاعته وترك مخالفته، وقد شبه الإيمان بالشجرة في قوله تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ} ١، فالكلمة هي كلمة الإخلاص، والشجرة الإيمان، وأغصانها الأمر والنهي، وورقها ما يهتم به المؤمن من الخير، وثمرها عمل الطاعات، وحلاوة الثمر جني الثمرة، وغاية كماله تناهي نضج الثمرة، وبه تظهر حلاوتها.

(٢) وفي لفظ: " أحب إليه من أهله وماله والناس أجمعين "٢. والمراد بالسوي هنا ما يحبه الإنسان بطبعه، كمحبة المال والولد والأزواج ونحوها، وثنى الضمير هنا لتلازم المحبتين، ومحبة الله تستلزم محبة طاعته؛ فإنه يحب من عبده أن يطيعه، والمحب يحب ما يحب محبوبه ولا بد.

(٣) أي يحب المرء الذي يعتقد إيمانه وعبادته، لا يحبه إلا لله، أي لأجل طاعة الله، وكان الصحابة يؤثر بعضهم بعضا على نفسه محبة في الله ولله وتقربا إليه، قال الله عنهم: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} ٣. ومن لازم محبة الله محبة أهل طاعته، كمحبة أنبيائه ورسله والصالحين من عباده، ومحبة الله ومحبة من يحبه الله من كمال الإيمان، وحقيقة الحب في الله أن لا ينقص بالجفاء ولا يزيد بالبر.


١ سورة إبراهيم آية: ٢٤.
٢ البخاري: الصلاة (٤٨١) والمظالم والغصب (٢٤٤٦) والأدب (٦٠٢٧) , ومسلم: البر والصلة والآداب (٢٥٨٥) , والنسائي: الزكاة (٢٥٦٠) , وأحمد (٤/٤٠٥) .
٣ سورة الحشر آية: ٩.

<<  <   >  >>