للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يلقى في النار (١) "١.

وفي رواية: " لا يجد أحد حلاوة الإيمان حتى "٢ إلى آخره (٢) . وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: " من أحب في الله وأبغض في الله (٣) ،

ــ

(١) يعود أي يرجع، فمعناه يصير والعود والرجوع بمعنى الصيرورة، والمقصود أنه يستوي عنده الأمران، كراهة عوده إلى الكفر ككراهة قذفه في النار. وفيه دليل على فضيلة من أكره على الكفر فأبى إلى أن يقتل. قال شيخ الإسلام: أخبر صلى الله عليه وسلم أن هذه الثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان؛ لأن وجود الحلاوة للشيء يتبع المحبة له، فمن أحب شيئا واشتهاه، إذا حصل له مراده فإنه يجد الحلاوة واللذة والسرور بذلك، والسرور أمر يحصل عقيب إدراك الملائم الذي هو المحبوب أو المشتهى، فحلاوة الإيمان المتضمنة للذة والفرح تتبع كمال محبة العبد لله، وذلك بثلاثة أمور: تكميل هذه المحبة، وتفريغها ودفع ضدها، فتكميلها أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما؛ فإن محبة الله ورسوله لا يكتفى فيها بأصل الحب، بل لا بد أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وتفريغها أن يحب المرء لا يحبه إلا لله، ودفع ضدها أن يكره ضد الإيمان كما يكره أن يقذف في النار.

(٢) هذه الرواية أخرجها البخاري في الأدب من صحيحه، ولفظه: " لا يجد أحد حلاوة الإيمان حتى يحب المرء لا يحبه إلا لله، وحتى أن يقذف في النار أحب إليه من أن يرجع إلى الكفر بعد إذ أنقذه الله منه، وحتى يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما".

(٣) أي أحب أهل الإيمان بالله وطاعته من أجل ذلك، فالحب في الله من ثمرات حب الله، ومن موجبات الإسلام. "وأبغض في الله" أي أبغض من كفر بالله وأشرك =


١ البخاري: الإيمان (١٦) , ومسلم: الإيمان (٤٣) , والترمذي: الإيمان (٢٦٢٤) , والنسائي: الإيمان وشرائعه (٤٩٨٧ ,٤٩٨٨ ,٤٩٨٩) , وابن ماجه: الفتن (٤٠٣٣) , وأحمد (٣/١٠٣) .
٢ البخاري: الأدب (٦٠٤١) .

<<  <   >  >>