للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، (١) والجنة حق والنار حق، (٢) أدخله الله الجنة على ما كان من العمل" " (٣) أخرجاه ١.

ــ

(١) أي خلقه من أنثى بلا ذكر بالكلمة التي أرسل بها جبرائيل إلى مريم فنفخ في جيب درعها قال تعالى: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} ٢ خلقه بقوله: (كن) ، وأوجده بقدرته وحكمته، فكان بقوله: (كن) ، وسمى كلمة؛ لوجوده بقوله تعالى: (كن) ، فليس هو (كن) ، ولكن كان ب (كن) ، ف (كن) من الله قولا، وليس (كن) مخلوقا، وعيسى روح من الأرواح التي خلقها واستنطقها، وأخذ عليها الميثاق بقوله: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} ٣ بعثه إلى مريم فدخل فيها. قال الحافظ: ((وصفه بأنه منه فالمعنى أنه كائن منه، أي مكون ذلك وموجده بقدرته وحكمته)) اهـ.

والمضاف إلى الله إذا كان عينا قائمة بنفسها كعيسى امتنع أن تكون صفة لله، وإنما هو إضافة مخلوق إلى خالقه، وهو على قسمين: إضافة تشريف وتكريم كبيت الله، وخليل الله، وروح الله. وإضافة لا تقتضي تشريفا كقوله: {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ} ٤ أي كائنة منه كونها وأوجدها سبحانه، وأما إذا كان المضاف إليه معنى لا يقوم بنفسه ولا بغيره من المخلوقات كالسمع والبصر، وجب أن يكون صفة لله قائما به، وفيه إثبات صفة الكلام خلافا للجهمية، فإنهم جعلوا كلام الله مخلوقا، والنصارى جعلوا كلامه معبودا.

(٢) أي وشهد أن الجنة التي أخبر الله في كتابه أنه أعدها للمتقين حق ثابتة لا شك فيها، وأن النار التي أخبر أنه أعدها للكافرين حق ثابتة، وأنهما الآن مخلوقتان موجودتان.

(٣) أي على ما كان فيه من صلاح أو فساد، وهذه الجملة جواب الشرط، أي من شهد إلى آخره أدخله الله الجنة بإخلاصه وصدقه والإيمان برسوله وما أرسل به، وإن كان مقرا وله ذنوب، فهذه الحسنة العظيمة ترجح بجميع السيئات =


١ البخاري: أحاديث الأنبياء (٣٤٣٥) , ومسلم: الإيمان (٢٨) , وأحمد (٥/٣١٣) .
٢ سورة آل عمران آية: ٥٩.
٣ سورة الأعراف آية: ١٧٢.
٤ سورة الجاثية آية: ١٣.

<<  <   >  >>